قد يبدو التغيير الشخصي وكأنه جبل يصعب تسلقه، خصوصاً عندما نتعامل معه كمهمة فورية لا تحتمل التأجيل.
لكن الكاتبة والمتخصصة في علم النفس "أليس بويس" Alice Boyes، تؤكد في مقالها المنشور على "Psychology Today" أن التغيير لا يحدث بضغطة زر، بل هو عملية تدريجية تحتاج إلى وقت، ووعي، وصبر.
وتشير إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في صعوبة التغيير، بل في التوقعات غير الواقعية حول السرعة التي يجب أن يتحقق بها هذا التغيير.
في السطور الآتية، نرصد أفكار بويس الأساسية، ونستعرض نصائحها حول ما يمكن أن يُبطئ عملية التغيير، وكيف يمكن التحايل عليها بذكاء وهدوء.
من أبرز الأخطاء الشائعة أننا نفترض أن التغيير يجب أن يكون شاملاً ومباشراً. كأن نقرر فجأة أن نصبح أكثر تنظيماً، أو أكثر هدوءاً، أو أن نقطع عادة سلبية دفعة واحدة. لكن بويس توضّح أن التغيير عادةً يبدأ بلمسات بسيطة، ويحتاج إلى صبر حتى تتراكم هذه الخطوات الصغيرة وتؤتي ثمارها.
تغيير العادات لا يعتمد فقط على الإرادة، بل على البيئة المحيطة أيضاً. فإذا كنت تحاول أن تصبح أكثر تركيزاً، ولكنك محاط بمشتتات طوال الوقت، فإن فرص نجاحك ستتضاءل. تؤكد بويس أن تعديل البيئة، مثل تغيير ترتيب المكتب أو تقليل التنبيهات الرقمية، أو حتى تقصير التواصل مع أشخاص يشتتونك له أثر فعّال على دعم سلوكيات جديدة.
في طريق التغيير، من الطبيعي أن تتخلل المسيرة بعض التراجعات. والمشكلة ليست في هذه اللحظات، بل في الطريقة التي ننظر بها إليها. هل نعتبرها فشلاً نهائياً؟ أو نتعامل معها كجزء طبيعي من التعلم؟ توصي بويس بالتعامل مع هذه التراجعات بمرونة وتعاطف، والعودة إلى المسار بهدوء دون جلد الذات.
إحدى النقاط المهمة التي تطرحها بويس هي أن التغيير الفعلي يحتاج إلى "زمن"، بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فالنمو النفسي يشبه نمو النباتات، لا يمكن استعجاله دون أن يُفقد قيمته. وهنا يصبح الصبر فضيلة، والوعي بالتدرج أداة مساعدة.
قد لا تلاحظ الفرق يومياً، لكن ذلك لا يعني أنك لا تتغير. توصي بويس بتوثيق التقدم، ولو بأسلوب بسيط، مثل تدوين الملاحظات أو تتبّع التغييرات الصغيرة أسبوعاً بعد آخر. فذلك يمنحك مؤشراً على أنك تمضي في الطريق الصحيح، حتى وإن لم تلمس نتائج فورية.
لا توجد إجابة واحدة على سؤال "كم أحتاج من وقت لأتغير؟"، لأن الإجابة تختلف باختلاف الأشخاص والظروف. لكن المؤكد، كما تقول بويس، أن التغيير الحقيقي لا يحدث بالسرعة التي نتمناها أحياناً، بل بالثبات والإصرار والرحمة بالنفس.
فبدلاً من السؤال "كم سأحتاج؟"، ربما الأجدر أن نسأل: "هل أنا مستعد لأن أبدأ خطوة اليوم؟"