في بيئة العمل، تمرين أحياناً بتعليقات عابرة تبدو في ظاهرها عادية، لكنها تترك في داخلكِ شعوراً بالاستصغار أو الإهانة.
الغريب أن من يقولها لا يدرك في الغالب مدى الأثر الذي تخلفه كلماته.
وفقاً لتقرير صادر عن مبادرة "Lean In" بالتعاون مع "McKinsey"، فإن معظم الموظفات لا يشعرن بتحسن حقيقي في تعامل الشركات مع "التحاملات الدقيقة" أو "microaggressions"، وهي تلك الملاحظات اليومية البسيطة التي تنال من شعوركِ بالأمان والانتماء.
صحيح أن بعض العبارات المتعالية قد تقال بنوايا واضحة من التمييز أو التحيز، لكن كثيراً منها يصدر عن زميلة أو مدير يفتقر فقط إلى الوعي الكافي بتأثير أسلوبه.
تقول خبيرة التطوير المهني بيكا كارناهان، إن التعالي في العمل قد ينبع من 3 أمور: إما جهل بطريقة تأثير حديثك على من حولكِ، أو من الإحباط الذي يتجلّى في صورة سلبية خفية، أو من رغبة دفينة في رفع الذات على حساب الآخرين".
إليكِ 4 عبارات شائعة تبدو بريئة، لكنها في الواقع تحمل نبرة استعلاء لا تُخفى:
عبارة تبدو وكأنها تعبير عن التعاطف، لكنها في الحقيقة تُغلق باب النقاش. تفسرها أستاذة علم النفس تيسا ويست بأنها محاولة شكلية للتعاطف، تخلو من أي رغبة حقيقية في فهم مشاعركِ.
والأسوأ من ذلك أنها تُستخدم، غالباً، مع الأطفال في لحظات الغضب، فهل ترغبين بأن تُعاملي كطفلة في اجتماع عمل؟ فلا تفعلي ذلك لموظفيك.
قد تُقال هذه العبارة كرد على اقتراحكِ بفكرة جديدة.
لكن بدلاً من فتح باب للنقاش، تُغلقه بإشارة إلى تجارب سابقة فاشلة، من دون حتى الاستماع لتفاصيل مقاربتكِ.
توضح كارناهان أنه من الأفضل الرد بفضول وانفتاح، مثل: "أفهم فكرتك، جربنا شيئاً مشابهاً قبل سنوات وكان التنفيذ صعباً، لكن أخبريني كيف ترين تطبيقه الآن؟" فالعالم يتغير، وما لم ينجح بالأمس قد ينجح اليوم إذا طُرح برؤية مختلفة.
هذه الجملة تلمح بطريقة غير مباشرة إلى أن رأيكِ غير معتبر لأنكِ "صغيرة" أو "جديدة". لكنها في الواقع تُقلل من شأن تجربتكِ الحالية، وتحرمكِ من فرصة التعبير والفهم.
ويحذّر خبراء من عبارات مشابهة مثل: "اصبري، سيأتي دوركِ"، أو "أنتِ تقترحين هذا؟ كم صار لكِ هنا؟"، والتي تُعزز أفكاراً نمطية حول العُمر والخبرة وتُقصي الأصوات الجديدة.
قد تُقال هذه العبارة بحسن نية، وربما بنية "التخفيف عنكِ"، لكنها في أحيان كثيرة تحمل تلميحاً بأنكِ غير قادرة على تنفيذ المهمة بدقة أو كفاءة. خاصة إذا صدرت عن مديرتكِ، فإنها تسلبكِ فرصة التعلم والنمو.
وتوصي كارناهان بأن يُطرح بدلاً منها سؤال بسيط: "هل هناك جزء من المهمة تحتاجين فيه دعمًا؟"، فهكذا يُفتح باب للتوجيه دون أن يُشعر الطرف الآخر بالانتقاص.
لكي تتجنبي نبرة التعالي من دون قصد، ضعي هذه النصائح في اعتباركِ:
بدلاً من النقد أو الافتراض، اسألي عن الأسباب، وتعاملي مع الخطأ على أنه فرصة لفهم وجهة نظر زميلتكِ.
عند تقديم ملاحظة، احرصي أن تتضمن حلاً أو اقتراحاً يعكس اهتمامكِ بنجاح الطرف الآخر.
مثل "آسفة إن شعرتِ بذلك"، وبدلاً منها قولي: "هل يمكن أن نراجع ما حدث معاً ونفهم وجهة نظر كل منا؟" فهكذا تبنين حواراً حقيقياً، لا جداراً من التجاهل.
تذكري جيداً أن اللغة تحمل قوة عظيمة وقد تبني الثقة وقد تهدمها بلحظة، لذا اختاري كلماتكِ بعناية وكوني دائماً ذلك الصوت الذي يُشعر الآخرين بأنهم مسموعون ومقدّرون.