في كل محيط نعيش فيه، هناك من يُتقن إثارة الدراما، سواء أكان ذلك في شكل شكاوى متكرّرة، أو انتقادات غير منتهية، أو سرد متواصل لتفاصيل حياتية لا تنتهي.
قد يكون هؤلاء أصدقاء، زملاء عمل، أو حتى أفراداً من العائلة. وبينما نرغب في أن نكون داعمين ومتعاطفين، إلا أن الانزلاق في هذه الدوامة قد يُفقدنا طاقتنا وصفاءنا الداخلي.
فكيف نرسم حدوداً واضحة دون أن نبدو قساة؟ كيف نُبقي تعاطفنا حيًا من دون أن نُنهك أنفسنا؟
إليك خطوات فعّالة للتفاعل مع الدراما من حولك... بإعجاب صامت، لا بتعليق مستنزف.
أحيانًا، ما يحتاجه الشخص الذي أمامك ليس نصيحة، بل مجرد مساحة ليُخرج ما بداخله. الإصغاء المتوازن يعني أن تمنح انتباهك، لكن دون أن تحمّل نفسك عبء الحلول أو تُقحم مشاعرك في تفاصيل لا تخصك. استمعي بابتسامة، أومئي برأسك، واحتفظي بالمسافة العاطفية الآمنة.
من المهم أن تميزي بين أن تكوني متعاطفة، وبين أن تتحمّلي العبء النفسي للآخرين. تعاطفك لا يعني أن تُنهكي نفسك في إصلاح مشاكل الغير أو الدخول في متاهات لا مخرج منها. يمكنك أن تكوني لطيفة، دون أن تكوني متاحة دائمًا.
ليس كل حدث يستحق تعليقًا. أحيانًا، يكفي أن تقولي: "أفهم شعورك" أو "يبدو أنه كان يومًا صعبًا". كلمات بسيطة، تحفظ لكِ التعاطف دون أن تفتحي باباً لتورّط لا ينتهي.
عندما نُعلّق، فإننا، من حيث لا ندري، نُدلي بحُكم أو نُقدّم تفسيرًا. وهذا قد يُعمّق شعور الطرف الآخر بالدراما، ويشجّعه على المبالغة في السرد أو افتعال مواقف مشابهة. أما الصمت الهادئ، فغالبًا ما يُوقف سيل المبالغة.
حين نُحبّ من حولنا، نقع أحيانًا في فخ الشعور بالذنب إن لم نُظهر مشاركة كافية. لكن من المهم أن تتذكّري أن حفظ سلامك الداخلي أولويّة. أنتِ لستِ مركز الحلول ولا مستودع التحمّل. كوني داعمة، لكن لنفسك أولًا.
التفاعل مع من حولك لا يعني أن تكوني جزءًا من قصصهم المتكررة. يمكنك أن تكوني موجودة بلطف، تستمعين بإنسانية، وتُظهرين تعاطفك... دون أن تُغرقك التفاصيل أو تستنزفك الكلمات. لا بأس أن تكتفي بالإعجاب الصامت، بلا تعليق، حين تحتاجين لحماية هدوئك النفسي.
ففي النهاية، الحياة ليست مسرحًا لكل ما يُعرض، وبعض المشاهد، يكفي أن نُشاهدها.. دون أن نؤدي دورًا فيها.