header-banner
الغضب

حين نفهم الغضب بشكله الحقيقي يصبح مفيدا

تطوير الذات
إيمان بونقطة
13 يوليو 2025,9:00 ص

في عالم يمجّد الهدوء ويصف التحكم في المشاعر كأنه مقياس للرقي، كثيراً ما يُنظر إلى الغضب على أنه "سلوك سلبي" يجب كبته، أو "عيب تربوي" لا يليق بالمرأة أو الطفل أو حتى الموظف المثالي.

لكن الحقيقة أكثر تعقيداً: الغضب ليس خطأً، بل شعور طبيعي ومفيد في بعض الأحيان.

الغضب شعور لا سلوك

c0d0d266-278f-4f34-898d-e07d8574993e

ما نحتاج إلى إدراكه أولاً هو أن الغضب ليس فعلاً عدوانياً بحد ذاته. الغضب ليس الصراخ أو الضرب أو الشتم، بل هو رد فعل عاطفي وجسدي تجاه تهديد حقيقي أو شعور بالظلم أو الانتهاك. 

الجسم يتفاعل: يتسارع النبض، تتوتر العضلات، ويصبح التركيز حادًا. لكن لا شيء في هذا يعني أن السلوك التالي سيكون عدوانيًا.

يمكننا أن نشعر بالغضب، وأن نعبر عنه بطريقة هادئة وواضحة دون أن نؤذي أنفسنا أو غيرنا.

متى يكون الغضب مفيدًا؟

الغضب ليس فقط حالة مزعجة نرغب في تجاوزها، بل قد يكون جرس إنذار داخلي يخبرنا أن هناك شيئًا خاطئًُا يجب الانتباه له. أحيانًا يكون هو الشعور الذي يوقظنا من حالة رضا مزيّف، أو يدفعنا للدفاع عن حدودنا وكرامتنا.

  • الغضب يدفعنا لقول: توقف، هذا غير مقبول.
  • الغضب يحمينا من التهاون بحقوقنا.
  • الغضب قد يكون دافعاً للمطالبة بالتغيير، في البيت أو العمل أو حتى في المجتمع.

هل الغضب مؤذٍ للصحة؟ ليس دائمًا

دراسات كثيرة تربط الغضب بالمشكلات الصحية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب. لكن الأبحاث الأحدث تميّز بين الشعور بالغضب وبين قمعه أو تفجيره بعنف.

ما يضر فعلاً هو:

  • كبت الغضب باستمرار دون التعبير عنه؛ ما يؤدي إلى توتر مزمن.
  • أو التعبير عنه بسلوك عدائي ومدمّر للذات أو للآخرين.

أما الغضب الذي يُعاش، ويُفهم، ويُعبّر عنه بطريقة ناضجة، فهو لا يضر بالصحة، بل قد يساهم في حماية النفس من الظلم والضغط النفسي المستمر.

أخبار ذات صلة

الصراخ لا يعلّم.. كسر دائرة الغضب في التربية

وراء كل غضب.. مشاعر أخرى

في كثير من الأحيان، يكون الغضب قناعاً لمشاعر أعمق: الخوف، الحزن، الإحباط، أو الشعور بالخذلان. من المفيد أن نسأل أنفسنا أو أطفالنا أو شركاءنا عندما يغضبون:

  • ما الذي جرحك؟
  • ما الذي خيّب أملك؟
  • بماذا شعرت قبل أن تغضب؟

هذا الفهم لا يُضعف الغضب، بل يمنحه معنى. ويساعدنا على التعامل معه بعين الوعي لا الدفاع.

الغضب كقوة دافعة

من الناحية النفسية، يُعتبر الغضب من "المشاعر الدافعة" وليس المنسحبة، أي أنه يحركنا نحو الفعل بدلاً من الانكماش أو الانسحاب. وهذا ما يجعل منه طاقة يمكن تسخيرها:

  • للتغيير الاجتماعي.
  • لوضع حدود واضحة.
  • لتحفيز اتخاذ قرار طال انتظاره.
  • لخلق حوار صريح مع النفس أو الآخرين.

كيف نستخدم الغضب بشكل صحي؟

  • اعترفي بالغضب دون خجل: لا تنكري شعورك. قولي: أنا غاضبة الآن... بدلًا من التظاهر بأن كل شيء على ما يرام.
  • أجّلي التصرف، لا الإحساس: إذا شعرتِ أن الغضب قد يدفعك لرد فعل متهور، توقفي وخذي وقتاً، لكن لا تدفعي الشعور بعيدًا.
  • اكتبي، عبّري، احكي: امنحي الغضب منفذًا واعيًا عبر الكتابة أو الحديث أو حتى الرياضة.
  • استفيدي من وضوحه: الغضب يضيء لكِ ما يهمك، ما يزعجك، وما لا يناسبك. استثمري هذه البوصلة.


الغضب ليس ضعفًا في الشخصية، ولا قلة تهذيب، ولا خللًا في التوازن. إنه نداء داخلي من النفس تطالب فيه بالكرامة أو الأمان أو العدالة. تجاهله أو شيطنته يُفقدنا أحد أكثر أدواتنا فاعلية لفهم أنفسنا والدفاع عنها.

أن تكوني غاضبة لا يعني أنك "شخص سلبي"، بل يعني أنك حيّة، واعية، وتشعرين بعمق. والسؤال ليس: هل يجب أن أغضب؟ بل: كيف يمكنني استخدام غضبي ليكون قوة للوضوح والنمو؟

أخبار ذات صلة

فن التعامل بلطف مع شريك الحياة في أوقات الغضب

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo