هل تجدين نفسك تكررّين الجملة نفسها: "إذا فعلت ذلك مرة أخرى، فلن تحصلي على الآيباد!" أو "إلى غرفتك، وفكري في تصرفك!"
ثم تفاجئين بأن السلوك ذاته يتكرر، لا تقلقي، فأنتِ لستِ وحدكِ. كثير من الأمهات يجدن أنفسهن عالقات في دوامة العقوبات والتهديدات، رغم رغبتهن في تربية أطفال يتمتعون بالثقة والاستقلالية والاتزان العاطفي.
في هذا المقال، نعرض لكِ منهجًا بديلًا للتأديب من دون صراخ أو تهديد، مبنيًا على مقاربة علمية إنسانية طرحتها د. بيكي كينيدي، أخصائية علم النفس الإكلينيكي، عبر منصة Good Inside. هذا النموذج لا يعتمد على العقوبات، بل على فهم جذور السلوك، وبناء مهارات التنظيم العاطفي لدى الأطفال على المدى الطويل.
في كل مرة يصرخ فيها طفلكِ، أو يرمي شيئًا، أو يتصرف بطريقة مزعجة، هناك رسالة غير منطوقة تقول: "هناك شعور بداخلي لا أستطيع التحكم فيه، وأحتاج لمساعدة".
تؤكد كينيدي أن ما نراه من "سلوك سيئ" ما هو إلا علامة على أن الطفل خارج السيطرة، وليس بالضرورة متعمّدًا للعصيان أو التمرد. الأطفال يولدون بمشاعر كاملة، لكن بدون المهارات اللازمة لتنظيمها، وبالتالي يظهر التوتر والغضب في صورة سلوكيات مزعجة.
عندما يعاني الطفل من نقص في مهارة؛ كالسباحة مثلاً، هل نصرخ فيه ونهدده لأنه لا يعرف السباحة؟ أو نعلّمه كيف؟ الأمر ذاته ينطبق على السلوك.
العقوبات قد تؤدي إلى طاعة مؤقتة، لكنها لا تعلّم الطفل كيفية إدارة مشاعره أو اتخاذ قرارات أفضل. بل قد تزرع بداخله شعورًا بالخجل أو الذنب أو الخوف من الفشل. والنتيجة، المزيد من الكذب أو التملّص أو العناد مستقبلاً، دون أن نفهم السبب الحقيقي.
تقدم كينيدي بديلًا فعّالًا يتكوّن من خطوتين أساسيتين للتدخل عند لحظة السلوك غير المقبول:
عندما يُظهر الطفل سلوكًا خاطئًا، هو يختبر قدرته على السيطرة. هنا، يحتاج لأن يشعر أن مشاعره لا تُخيفكِ، وأنكِ قادرة على احتوائه بحزم وهدوء.
قولي بوضوح: "لن أسمح لك بأن تضرب."
وإذا لزم الأمر، تدخلي جسديًا بهدوء: "سأحملك حتى يهدأ جسدك."
بعد تحديد الحدود، امنحيه رسائل تدعم صورته الإيجابية عن نفسه:
"أعلم أنك طفل طيب تمر بلحظة صعبة."
هذه العبارات تفصل السلوك عن هوية الطفل، وتمنحه مساحة للتطور، لا للانكماش تحت وطأة الشعور بالذنب.
طفلكِ رمى مكعبات على أخيه! بدلًا من قول: "لن تشاهد التلفاز اليوم!"، جرّبي الآتي:
ترسيخ الأمان: "لن أسمح لك بأن ترمي الأشياء على أخيك. سأجلس بجانبك الآن حتى تهدأ."
تأكيد الصلاح: "أعرف أنك لا تقصد الأذى، فقط كنت غاضبًا جدًّا ولم تعرف كيف تعبّر عن ذلك."
الأم الواعية لا تسعى للكمال، بل تتعلم، وتجرّب، وتصلح المسار عند الحاجة. ولأنكِ هنا، تقرئين وتفكرين في بدائل أكثر إنسانية ورقيًا في التربية، فطفلكِ محظوظ بكِ حقًا.