في عالم يربط الجمال بالنحافة، ويُغرق الأطفال برسائل يومية عن "المظهر المثالي"، تصبح طريقة حديثنا مع أطفالنا عن أجسادهم ذات أثر طويل المدى، وقد تكون الفارق بين طفل يرى جسده بشعور العار، وآخر يحتضنه بمحبة.
كأمهات وآباء، قد تكون نوايانا طيبة حين نقول لأطفالنا "أنتَ نحيف!" أو "لا تحتاج إلى المزيد من الطعام"، لكن هذه العبارات، رغم بساطتها، قد ترسل رسائل سلبية عن الجسد، وتؤسس لعلاقة غير متوازنة مع الطعام والصورة الذاتية.
في هذا المقال، نعرض لكِ مجموعة من التوجيهات العملية والنفسية الدقيقة، تساعدك على بناء لغة جديدة في الحديث مع طفلك عن جسده، لغة تنطلق من الاحترام، والفضول، والرغبة في الفهم، لا في الحكم أو المقارنة.
الطفل يراقب كيف تتحدثين عن جسده، ويكوّن عبرك نظرته الخاصة إليه. بدلًا من مدحه على مظهره الخارجي، أثني على ما يفعله جسده:
هذا النوع من الحديث يُنمّي علاقة وظيفية إيجابية بين الطفل وجسده.
حتى التعليقات التي تبدو لطيفة مثل: "كم أصبحت نحيفًا!" أو "لا تأكل أكثر من هذا" تُشعر الطفل أن جسده تحت المراقبة، وأن إشارات الجوع أو الشبع لا تُؤخذ على محمل الثقة.
بدلًا من ذلك، ثقي في إحساسه، وركّزي على الحوار بدلًا من التقييم.
عندما يسمع الطفل والدته تنتقد شكلها، أو تصف طعامًا بأنه "سيئ"، أو تتحدث عن "حرق السعرات"، فهو يلتقط رسائل عميقة عن أن الجسد مشروع يجب تغييره.
بدلًا من ذلك، يمكنك قول:
الرسالة هنا ليست التجميل أو المثالية، بل القبول والاحترام.
برامج الأطفال، والإعلانات، والرسوم المتحركة، كثيرًا ما تُظهر صورة واحدة "مثالية" للجسد. اطرحي عليه أسئلة مثل:
بهذا، لا تمنعين الرسائل السلبية، لكنك تُحصّنين طفلك ضدها بالوعي.
بدل تصنيف الأطعمة إلى "صحية وسيئة"، ركّزي على أثر الطعام على النشاط، والمزاج، والانتباه. اسأليه:
اجعلي الطعام تجربة طبيعية، خالية من الذنب والمكافأة.
الرياضة ليست وسيلة لحرق الطعام، بل وسيلة للشعور بالحيوية، والراحة، والتعبير عن الذات. ويمكنك تشجيعه على:
حين يقول: "أنا سمين" أو "أكره شكلي"، لا تتسرعي بنفي كلامه: "لا، لست كذلك"، فهذا يعزز الصورة السلبية لديه. بدلًا من ذلك، اسأليه:
بهذا، تفتحين بابًا لمشاعره الحقيقية، بدل حصر الحديث في المظهر.
قد تكونين استخدمتِ عبارات في الماضي تندمين عليها اليوم. لا بأس. ما يهم هو ما تقولينه من الآن فصاعدًا.
يمكنك قول:
الأطفال لا يحتاجون أمًّا مثالية، بل أمًّا صادقة، منفتحة على التعلم.
في النهاية...
طفلك لا يحتاج إلى جسد "مقبول" مجتمعيًا، بل إلى بيت يشعر فيه أن جسده ليس موضوعًا للمقارنة أو الانتقاد.
ما يتذكره الطفل، ليس الكلمات وحدها، بل الشعور.
هذا هو الدور الحقيقي الذي لا يملكه أي إعلام أو إعلان... بل تملكينه أنت.