كثيرًا ما يُخيَّل للوالدين أن صراخ الطفل أو احتجاجه عند تطبيق الحدود يعني أن الخطة لا تنجح. ومع تكرار هذا الشعور، قد يتسرّعون في التخلّي عن قرارات وضعت بحب ووعي من أجل راحة الطفل ونموّه السليم.
لكن الحقيقة مختلفة: نجاح الحدود لا يُقاس بردّة فعل الطفل، بل بقدرتك على البقاء في موقع القيادة الهادئة التي تمنحه الأمان، وتجنّب المعارك المستنزفة للطرفين.
في مقال نشرته الخبيرة التربوية الأمريكية كلير ليرنر على موقع Psychology Today، نُقل مثال واقعي عن والدين (جين وأراش) قرّرا وضع حد واضح لوقت النوم مع طفلهما "آري"، بعدما استنفدا محاولات عديدة: من الألعاب والمكافآت إلى التهديدات. وفي النهاية لجآ إلى خطة بسيطة: قراءة قصة قصيرة، ثم وقت للعناق، وبعدها جلوس أحد الوالدين خارج الغرفة حتى يطمئن آري لوجودهما.
في الليلة الأولى، بكى آري نصف ساعة. في الليلة الثالثة، انخفض البكاء إلى خمس دقائق فقط. بدا الأمر واعدًا، لكن بعد أسبوعين كاملين لم يتوقف الصراخ تمامًا، فشعر الوالدان أن الخطة لا تنجح. هنا تتدخّل ليرنر لتؤكد: العكس هو الصحيح. إليك الأسباب التي تجعل الحدود فعّالة:
الهدف من الحدود ليس إجبار الطفل على تقويم سلوكه فورًا، بل الحفاظ على بيئة هادئة وآمنة تمنع الصراع المستمر.
قبل الخطة، كان الوالدان يفقدان أعصابهما كل ليلة، ما جعل آري يشعر أنه "الطفل الصعب" الذي يرهق والديه. مع الحدود الجديدة، خفّت المشاعر السلبية وحلّت محلها علاقة أكثر دفئًا.
وجود روتين ثابت منح الأهل وقتًا شخصيًا في المساء، وهو ما زاد من طاقتهم للتعامل مع ابنهم بمحبة وصبر.
بدلاً من أن يصبح وقت النوم ساحة معركة، تحوّل إلى فرصة للقراءة والعناق والهدوء.
بعد ثلاثة أسابيع من الالتزام بالخطة، توقّف آري عن الصراخ تمامًا، وأصبح يخلد للنوم بسلام. قد لا يعرف الوالدان سبب استمرار احتجاجه في البداية، لكنهما أدركا أن صبرهما وثباتهما هما ما منحاه الأمان والقدرة على التكيّف.
وكختام لهذه التجربة، تذكري أن لا تتخلّي بسرعة عن الحدود لمجرّد أن طفلك يرفضها. الرفض لا يعني الفشل، بل هو جزء طبيعي من التعلّم والتكيّف. إذا كانت الحدود موضوعة بدافع الحب وتهدف لحماية صحة الطفل وعلاقته بوالديه، فإن الصبر على تطبيقها سيحوّلها إلى أساس من الطمأنينة والنمو المتوازن.