في زمنٍ تتسارع فيه المغريات من حول أطفالنا، من الشاشات والألعاب إلى وسائل الترفيه المتنوعة، لم يعد من السهل أن نجعلهم يُقبلون على الدراسة بحماسة أو التزام تلقائي.
كثير من الأمهات يجدن أنفسهن في صراع يومي لإقناع أطفالهن بأداء واجباتهم، أو الجلوس بهدوء لتركيز انتباههم على ما يتعلّمونه في المدرسة.
وبين التذمّر المتكرر، والمماطلة، وفقدان الحافز، تتآكل أعصاب الأمهات شيئًا فشيئًا.
لكن الحقيقة التي قد نغفل عنها أحيانًا، هي أن حب التعلم ليس أمرًا فطريًّا لدى كل طفل، بل هو شعور يمكن بناؤه وتغذيته بمرور الوقت، إذا ما تم التعامل معه بحكمة وصبر.
في السطور التالية، نضع بين يديكِ مجموعة من الاستراتيجيات البسيطة والفعّالة التي تساعدك على تحفيز طفلك على الدراسة، وتعزيز علاقته الإيجابية مع التعلم من دون صراخ أو تهديد أو مكافآت مؤقتة.
عندما يشعر الطفل أن والدته تهتم بما يتعلمه، وتتابع تفاصيل دراسته باهتمام، يتولد لديه إحساس بالمسؤولية والرغبة في بذل جهد أكبر. اسأليه يوميًّا: ماذا تعلمت اليوم؟ شاركيه الحديث، وحاولي ربط ما يدرسه بشيء ممتع. مثلًا، إن كان يدرس فترة تاريخية معينة، اقترحي عليه مشاهدة فيلم وثائقي عنها.
اشرحي له لماذا نتعلم. لا تكتفي بالقول "لتحصل على درجات جيدة"، بل اربطي له ما يتعلمه بأمثلة واقعية من محيطه: "هل ترى فلان؟ تعليمه ساعده على تحقيق حلمه"، أو "تعلم الرياضيات سيساعدك في شراء الألعاب، وحساب النقود، وتنظيم وقتك".
بدلًا من انتقاد الطفل عند كل ضعف، قومي بالإشادة بما يبرع فيه. الطفل الذي يشعر بالتقدير، يسعى لتحسين أدائه في المواد الأخرى. اجعلي وقت أداء الواجب وقتًا إيجابيًّا، وليس ساحة معركة.
لا تربطي تقديرك له بالعلامات فقط. قولي له: "أنا فخورة بجهدك"، أو "أعجبتني طريقتك في التنظيم"، فهذا النوع من التشجيع يعزز من ثقته بنفسه، ويجعله أكثر رغبة في الاستمرار.
استخدمي الألعاب التعليمية التقليدية أو الإلكترونية، خاصة للأطفال الأصغر سنًّا. اللعب يحفّز الدماغ، ويخفف من الضغط، ويحول الدراسة إلى تجربة تفاعلية وليست إجبارية.
اجعلي من زيارة المكتبة عادة أسبوعية. ساعديه على اختيار كتب تناسب اهتماماته. القراءة الحرة توسّع مداركه، وتنمّي حبه للمعرفة.
النشاط البدني لا يحسّن فقط الصحة الجسدية، بل يساعد على تحسين التركيز والذاكرة، وتفريغ الطاقة الزائدة التي قد تتحول إلى ملل أو توتر أثناء الدراسة.
وأخيرًا... تحلّي بالصبر، فقد لا تُثمر هذه الخطوات من اليوم الأول، لكنها تزرع بذورًا قوية في وعي الطفل. لا تيأسي إذا استغرق الأمر وقتًا أطول مما تتوقعين، ولا تترددي في التشاور مع معلمي طفلك للحصول على رأيهم وتوجيهاتهم التربوية.