تخيل أن يكون لطفلك أداء أكاديمي أفضل، ورضا عام أكبر عن حياته، واستقلالية واضحة في تعامله مع العالم من حوله؛ كل ذلك يمكن أن يبدأ من مهمة بسيطة مثل ترتيب الألعاب أو طي المناشف.
ففي حين يعتبر بعض الأهل أن إشراك الأطفال في الأعمال المنزلية مجرد وسيلة للمساعدة، تُظهر الأبحاث الحديثة أن هذه المهام تؤدي دورًا محوريًا في تنمية قدرات الطفل النفسية والمعرفية والاجتماعية.
ما تقوله الأبحاث عن الأعمال المنزلية للأطفال
تشير دراسة منشورة في مجلة طب الأطفال السلوكي والتنموي إلى أن الأطفال الذين يشاركون في الأعمال المنزلية في سن مبكرة (من رياض الأطفال) أظهروا لاحقًا أداءً أكاديميًا أعلى، وتفاعلًا أفضل مع أقرانهم، ورضا أعمق عن الحياة عند بلوغهم الصف الثالث الابتدائي.
وفي دراسة أخرى نُشرت في المجلة الأسترالية للعلاج الوظيفي، تم تقييم أكثر من 200 طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و13 عامًا، وتبيّن أن من يمارسون الأعمال المنزلية بانتظام يتمتعون بذاكرة عمل أفضل وقدرة أعلى على ضبط النفس وتأجيل الإشباع، وهي مهارات أساسية للنجاح الأكاديمي والاجتماعي.
أما في حالة الأطفال المصابين بأمراض مزمنة، فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة أبحاث العلاج الوظيفي أن المراهقين الذين يشاركون في أعمال منزلية بشكل مستمر أظهروا استعداداً أعلى لإدارة حالاتهم الصحية، وتواصلاً أكثر فاعلية مع مقدّمي الرعاية الصحية.
فوائد الأعمال المنزلية للطفل
إليك قائمة بأهم الفوائد التي يجنيها الطفل من تعلمه لممارسة الأعمال المنزلية بانتظام:
- الاعتماد على الذات: يتعلم الطفل كيف يعتني بنفسه ويؤدي المهام من دون انتظار المساعدة.
- تطوير المهارات التنفيذية: مثل التنظيم، وضبط الوقت، واتخاذ القرار.
- الثقة بالنفس: الإنجاز يشعر الطفل بالقوة والقدرة.
- بناء المسؤولية: من خلال فهم دوره في الأسرة والمجتمع.
- تحسين التواصل: خاصة عندما تكون المهام مشتركة وتتطلب التعاون أو التنسيق.
كيف تشجّعين طفلك على المشاركة؟
- ابدئي مبكرًا: يمكن للأطفال في عمر السنتين ترتيب ألعابهم أو المساعدة بمسح الطاولة.
- كوني محددة: عبارات مثل "رتب غرفتك" مبهمة، استبدليها بتوجيهات واضحة مثل "ضع الملابس المتسخة في السلة".
- ضعي روتينًا: اجعلي الأعمال المنزلية جزءًا ثابتًا من يوم الطفل، لتتحول إلى عادة.
- امدحي الجهد، لا النتيجة: التركيز على النية والالتزام أكثر فعالية من انتقاد الإتقان.
- لا تتوقعي الكمال: الهدف هو التعلم، وليس الوصول إلى نتيجة مثالية.
ماذا يمكن أن يفعل الأطفال بحسب أعمارهم؟
يوفّر معهد تنمية الطفل الأمريكي جداول مهام مفصلة مناسبة لكل فئة عمرية، بدءًا من تنظيف الألعاب للأطفال في عمر ما قبل المدرسة، وحتى مهام الطبخ والتنظيف للمراهقين.
من عمر سنتين إلى 3 سنوات:
- جمع الألعاب ووضعها في أماكنها.
- وضع الملابس المتسخة في سلة الغسيل.
- القيام بمساعدات بسيطة تحت إشراف أحد الوالدين، مثل وضع المناديل على الطاولة.
من عمر 4 إلى 5 سنوات:
- ترتيب السرير بطريقة مبسطة.
- تنظيف الطاولة بعد تناول الطعام.
- إطعام الحيوانات الأليفة.
- ريّ النباتات المنزلية.
من عمر 6 إلى 7 سنوات:
- ترتيب الغرفة الشخصية.
- المساعدة في إعداد مائدة الطعام.
- طيّ الملابس النظيفة.
- مسح الغبار عن الأسطح.
من عمر 8 إلى 9 سنوات:
- غسل بعض الأطباق البلاستيكية.
- تحضير وجبات خفيفة (مثل الساندويشات).
- إخراج القمامة.
- ترتيب حقيبة المدرسة والاستعداد لليوم التالي.
من عمر 10 إلى 12 سنة:
- استخدام المكنسة الكهربائية.
- تحميل وتفريغ غسالة الصحون.
- المساعدة في إعداد وجبة كاملة.
- غسل الملابس تحت إشراف أحد البالغين.
من عمر 13 إلى 17 سنة:
- الطهي الكامل لإحدى الوجبات.
- كيّ الملابس.
- شراء بعض الحاجيات من المتجر.
- تنظيف الحمام والمطبخ بشكل كامل.
توزيع المهام وفقًا للعمر يساعد الطفل على الشعور بالثقة والاستقلال، ويغرس فيه قيمة التعاون والمشاركة في المسؤوليات المنزلية منذ سن مبكرة.
ليست الأعمال المنزلية مجرد مهام روتينية، بل أدوات تربوية تعزّز النمو العقلي والنفسي والاجتماعي للطفل.
