لا أستطيع أن أقول له لا، أشعر بالذنب إذا بكى، هو صغير.. لا أفهم كيف أُقسو عليه!
عبارات كثيرًا ما نسمعها من أمهات وآباء يتعاملون مع أطفالهم بحنان غامر، قد يتجاوز الحد الطبيعي أحيانًا. لكن، هل يمكن أن يُفسد الحنان الزائد الطفل؟ وهل الحُب وحده يكفي لتربية طفل متزن وواثق من نفسه؟
الفرق بين الحنان والحنان المبالغ فيه
الحنان الطبيعي ضروري لنمو الطفل العاطفي والنفسي، فهو يشعره بالأمان والانتماء، ويقوّي ثقته بنفسه وبالآخرين.
لكن عندما يتحوّل هذا الحنان إلى حماية زائدة، أو تلبية فورية لكل طلب، أو تساهل دائم مع السلوك الخاطئ، فإنه يفقد قيمته ويتحوّل من مصدر للأمان إلى عائق أمام الاستقلال والنضج.
متى يصبح الحنان عبئًا على الطفل؟
- حين يُستخدم لتجنّب المواجهة: كأن تختارين الصمت على الخطأ بدافع الحب.
- عندما يُربط بإلغاء القواعد: "لا بأس، فقط هذه المرة" تتكرر يوميًّا!
- حين يُستخدم كتعويض عن الذنب: بعض الأمهات يعوّضن غيابهن أو انشغالهن بالمزيد من الهدايا أو التساهل.
- عندما يُمنح على حساب نمو الطفل: كأن تلبسيه حذاءه دائمًا رغم أنه قادر على فعل ذلك بنفسه.
نتائج الحنان الزائد على الطفل
- ضعف القدرة على التحمل: الطفل ينهار عند أول إحباط لأنه لم يختبر الصبر أو الرفض.
- اتكال دائم على الأم أو الأب: لا يستطيع اتخاذ قرار، أو حل مشكلة بسيطة وحده.
- تضخم الأنا أو العكس تمامًا: إما يرى نفسه محور العالم أو يشعر بالعجز المستمر لأنه لم يُمنح فرصة ليُثبت نفسه.
كيف نوازن بين الحب والحزم؟
- ضعي حدودًا واضحة: الحب لا يتعارض مع القواعد.
- كوني حنونة ولكن ثابتة: لا تتراجعي عن القرار الصحيح خوفًا من بكائه.
- أعطيه مساحة للفشل والتعلم: لا تحلّي مشكلاته عنه دائمًا.
- تحدثي معه بمحبة ولكن بحزم: "أنا أحبك!، لكن لا أوافق على هذا التصرف."
في النهاية، الطفل الذي ينشأ وسط حنان متوازن، يعرف أن هناك من يحبّه، ولكن أيضًا من يرشده، يصوّب خطأه، ويساعده على أن يصبح أقوى.
الحنان الحقيقي لا يعني تلبية كل طلب، بل بناء شخصية تعرف كيف تتعامل مع الحياة، لا تهرب منها.