عندما يُخطئ الطفل، يتبادر إلى ذهن معظم الأهل سؤال مباشر: ما العقاب المناسب؟
لكن الإجابة التي قد تبدو غير مألوفة: دعوا الطفل يختار نوع العقاب بنفسه.
قد تبدو الفكرة صادمة في البداية، فكثير من الأمهات والآباء يظنون أن الطفل سيختار لنفسه "عقوبة" أشبه بمكافأة، مثل تناول الآيس كريم أو زيادة وقت الشاشة! لكن التمهل في فهم هذا الأسلوب يكشف عن قوة تربوية فعالة تذهب أبعد من مجرد الرد الفوري على الخطأ.
رغم أن العقاب قد يبدو فعالًا على المدى القصير لأنه يوقف السلوك السيئ مؤقتًا إلا أن تأثيره لا يدوم، بل قد يأتي بنتائج عكسية:
معظم الأخطاء السلوكية تحدث لأن الطفل يشعر بالإرهاق أو الإحباط، وليس بدافع التحدي أو العصيان. العقوبة لا تعلّمه كيف ينظم مشاعره، بل تعطل تطور هذه المهارة.
بدلاً من تأمل الخطأ، ينشغل الطفل بالإحساس بالظلم أو الغضب من الأهل.
أحيانًا يكون السلوك السلبي وسيلة لجذب الانتباه، حتى لو كان سلبياً. ومعاقبة الطفل تعني إعطاءه هذا الانتباه.
العقاب يضع الطرفين في موقع متقابل، وليس ضمن فريق واحد.
عندما يضرب الطفل شقيقه، أو يكذب بشأن أمر مهم، أو يخالف قاعدة أساسية في البيت، قد يبدو تجاهل الموقف غير مقبول. في هذه الحالة، يمكن اعتماد أسلوب "العدالة الترميمية"، عبر تشجيع الطفل على الاعتذار وتعويض من تضرر.
وإذا لم يكن هذا كافيًا؟
فهنا يأتي دور دعوة الطفل للمشاركة في تحديد نتيجة سلوكه.
ابدئي بجلسة هادئة بعد انقضاء الانفعال، وقولي له مثلاً:
شعرت بالحزن لما حصل اليوم، وأفهم أنك كنت غاضبًا أيضًا. والآن، بعد أن هدأنا، ما رأيك أن نناقش سويًا ما يمكن أن يكون عاقبة عادلة لما حدث؟
لا تتفاجئي إذا استهزأ في البداية واقترح شيئًا غير منطقي. إذا لم يكن جاهزًا بعد، يمكنك تأجيل النقاش ليوم آخر.
لكن في كثير من الحالات، ستُفاجئين بما يقترحه. هذا لأن الأطفال حتى الأكثر تحدّيًا، يحملون مشاعر ندم أكثر مما نعتقد، وهم يميلون، غالبًا، إلى المبالغة في عتاب الذات.
تجنّب العقاب هو الأفضل متى ما أمكن، خاصة في الحالات البسيطة. لكن حين يكون الرد ضروريًا، اشركي طفلك في رسم الطريق نحو الإصلاح. هذا لا يحلّ المشكلة فقط، بل يبني شخصية أقوى، ويقوي الروابط العائلية. جربيها مرة. قد تُفاجئين بنتائجها.