header-banner
أمومة

طفلي لا يلعب وحده: هل القلق هو السبب؟

أمومة
إيمان بونقطة
19 أغسطس 2025,8:00 ص

في لحظات كثيرة، تجد الأم نفسها حبيسة هذا السؤال المتكرر: لماذا لا يستطيع طفلي اللعب وحده؟ قد يكون الطفل محاطًا بالألعاب، وفي بيئة آمنة ومحفزة، لكنه لا يزال يبحث عن وجود الكبار، أو يطلب مشاركتهم، أو يرفض الانخراط في اللعب بمفرده ولو لعدة دقائق.

هذا السلوك قد يُشعر الأهل بالقلق، أو حتى الذنب، خصوصًا إذا كانوا يظنون أنه ناتج عن تقصير تربوي أو دلال زائد.

لكن الحقيقة أعمق من ذلك: في كثير من الحالات، يكون القلق هو السبب الجذري لهذا التعلّق.

اللعب المستقل: مهارة لا تنمو عند كل الأطفال بالوتيرة نفسها

Preview

اللعب المنفرد لا يأتي بالفطرة لكل الأطفال، بل يتطلب شعورًا داخليًا بالأمان، ودرجة من النضج الانفعالي والقدرة على تنظيم الذات.

الطفل القلق، أو الذي يعيش توترًا داخليًا، يجد صعوبة في تهدئة نفسه بمفرده، ولذلك يكون وجود أحد الوالدين بمنزلة "المرساة" التي يحتاجها ليشعر بالاستقرار.

كيف يبدو قلق الطفل في سياق اللعب؟

قد لا يُعبّر الطفل عن قلقه بالكلمات، لكنه يُظهره من خلال سلوكات مثل:

  • مقاومة اللعب في الغرفة من دون وجود أحد الكبار.
  • التوقف عن اللعب إذا غاب أحد الوالدين عن نظره.
  • طرح أسئلة متكررة مثل: "أين ذهبتِ؟ هل ستبقين هنا؟".
  • تفضيل ألعاب التفاعل مثل المطاعم أو المستشفى أو المدرسة التي تتطلب وجود شخص آخر دائمًا.
  • الانزعاج أو الغضب عند تشجيعه على اللعب بمفرده، وكأنه يشعر بالهجر.

هذه العلامات لا تشير بالضرورة إلى مشكلة خطيرة، لكنها قد تكون إشارة إلى أن الطفل بحاجة إلى مزيد من الطمأنينة النفسية والروتين الثابت.

أخبار ذات صلة

اللعب العلاجي لشفاء الطفل نفسيا

اللعب العلاجي لشفاء الطفل نفسيا

ما الذي قد يسبب القلق لدى الأطفال الصغار؟

القلق في الطفولة لا يكون دائمًا ناتجًا عن حادث كبير، أحيانًا، تكون أسبابه بسيطة وغير ملحوظة، مثل:

  • تغيّرات عائلية (مثل ولادة أخ جديد، أو الانتقال إلى بيت جديد، أو دخول الحضانة).
  • حساسية زائدة تجاه الانفصال أو التغيير.
  • مشاهدة محتوى غير مناسب لعمره.
  • التوتر المنزلي الذي يشعر به الطفل من دون أن يفهمه.
  • نمط التربية الذي يعتمد كثيرًا على التوجيه والمراقبة من دون ترك مساحة للطفل لاستكشاف ذاته.

هل القلق هو السبب دائمًا؟

ليس بالضرورة، قد يكون الطفل ببساطة في مرحلة انتقالية، أو من نوع الشخصيات الاجتماعية التي تستمتع بالتفاعل أكثر من العزلة، لكن عندما يتحوّل رفض اللعب المنفرد إلى نمط دائم يُسبب توترًا متكرّرًا، ويمنع الطفل من الاستمتاع بلحظات الاكتشاف الذاتي، حينها يجدر التوقّف والتأمل.

كيف أساعد طفلي على اللعب بمفرده؟

5dbf8759-b63c-46d8-847a-753a8d9bf6ba

يمكنك بالتأكيد مساعدة طفلك على تعلم اللعب المستقل، مع بعض من الخطوات التي تمنحه شعورًا بالأمان والشجاعة:

ابدئي بالتدريج

لا تتوقعي أن يلعب الطفل وحده مدة طويلة من أول محاولة، ابدئي بدقائق معدودة، وكوني قريبة جسديًا لكن غير منخرطة.

استخدمي "الارتباط المؤجل"

قولي له: "سألعب معك 5 دقائق، ثم سأجلس لأكمل عملي، وسأعود إليك بعد 10 دقائق". بهذه الطريقة يتعلم انتظار وجودك من دون فزع.

ثبتي روتين اللعب المنفرد

خصصي وقتًا ثابتًا كل يوم لهذا النوع من اللعب، ليشعر الطفل بالأمان من التكرار.

أعطيه أدوات مفتوحة النهاية

مثل المكعبات، والصناديق، والأدوات الفنية... التي تتيح له الإبداع بدلًا من الاعتماد على ألعاب إلكترونية جاهزة.

تجنبي المبالغة في التدخّل

حتى لو قال "أنا لا أعرف كيف ألعب"، شجعيه على المحاولة، ولا تسرعي للإنقاذ أو المشاركة الفورية.

اعكسي له ثقته بنفسه

بدلًا من قول "لماذا لا تلعب وحدك؟"، جربي "أنت رائع في ابتكار الألعاب، متأكدة أنك ستخترع شيئًا مميزًا".

متى يجب القلق؟

إذا لاحظتِ أن الطفل يعاني من:

  • نوبات هلع عند الانفصال القصير.
  • قلق شديد وقت النوم أو وقت المدرسة.
  • أفكار متكررة حول الخوف من الفقد أو المرض.
  • انسحاب اجتماعي أو صعوبة في التفاعل مع أقرانه.

فقد يكون من المفيد استشارة أخصائي نفسي للأطفال لتقييم الحالة، والتأكد من أن الطفل لا يمر بقلق انفصالي أو توتر مستمر.

 

في النهاية، اللعب المنفرد ليس مهارة يتعلّمها الطفل تحت الضغط أو المقارنة، بل يتطور طبيعيًا عندما يشعر بالأمان الداخلي، والثقة بأن العالم من حوله يمكن استكشافه من دون خوف، طفلك لا يرفض اللعب وحده لأنك فشلتِ، بل لأنه يقول لك بلغة غير مباشرة: "ما زلت بحاجة لأن تطمئنيني أكثر".

امنحيه هذا الأمان، وسترين كيف يبدأ في بناء عالمه الخاص... خطوة بخطوة.

أخبار ذات صلة

استشارية طفولة مبكرة لـ"فوشيا": هكذا تعلمين طفلك اللعب المستقل

استشارية طفولة مبكرة لـ"فوشيا": هكذا تعلمين طفلك اللعب المستقل

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo