في مرحلة عمرية يفتقر فيها الأطفال إلى القدرة على التعبير عن مشاعرهم بالكلمات، يُعدّ اللعب العلاجي أحد أكثر الأدوات فعالية لمساعدتهم على تجاوز الأزمات النفسية.
قد لا يتمكن الطفل من الجلوس في جلسة علاج كلامي ومناقشة مخاوفه، لكنه يستطيع أن يروي كل ما يشعر به من خلال الدمى، والرسومات، والقصص، والمجسمات.
هذا النوع من العلاج النفسي، المعروف بـ"اللعب العلاجي"، يشكّل وسيلة فعّالة لدعم الأطفال الذين يواجهون القلق، الحزن، تدني احترام الذات، صعوبات التكيّف الاجتماعي، أو حتى آثار الصدمات والتغيرات الكبيرة في حياتهم.
ويُشير الأخصائيون إلى أنه مقارنة بالعلاج الكلامي التقليدي، قد يكون اللعب العلاجي أكثر ملاءمة وتأثيراً في معالجة مشكلات الأطفال النفسية.
تشرح المعالجة الأسرية إيزابيل بالمر، من مركز Aspiring Families للصحة النفسية، أن "اللعب هو لغة الطفل، والألعاب هي كلماته". بمعنى آخر، يستخدم الطفل اللعب كوسيلة رمزية للتعبير عن مشاعره الداخلية، ومواجهة التجارب الصعبة التي لا يستطيع التعبير عنها لفظياً.
يُشرف معالج متخصص على جلسات اللعب، ويوجّهها بما يتماشى مع أهداف علاجية محددة، مثل تعزيز التنظيم العاطفي، أو تخفيف القلق، أو معالجة آثار الفقدان أو التغييرات الحياتية المفاجئة.
رغم أهمية اللعب الحر في المنزل لتقوية الروابط العاطفية وتحفيز الإبداع، فإن اللعب العلاجي يتميّز بكونه نشاطاً منظّماً ذا أهداف واضحة، يخضع لإشراف معالج محترف يلاحظ سلوك الطفل ويتفاعل معه بطرق علاجية، تساعده على التعبير عن ألمه النفسي، وبناء مرونته العاطفية، وتحسين سلوكياته وثقته بنفسه.
تشير الدراسات والتجارب السريرية إلى أن اللعب العلاجي:
كما يتيح للطفل إعادة تمثيل المواقف المؤلمة بصورة رمزية، ما يمنحه إحساساً بالسيطرة والأمان، ويساعده على التكيف مع الواقع الجديد تدريجياً.
يُستخدم اللعب العلاجي مع الأطفال الذين يعانون من:
يلعب الأهل دوراً محورياً في دعم رحلة العلاج. يتعاون المعالج مع الوالدين من خلال جلسات متابعة، ونصائح تطبيقية في المنزل، وأحياناً من خلال إشراكهم في الجلسات بشكل غير مباشر. هذا التعاون يعزّز فعالية العلاج ويمتد أثره خارج نطاق غرفة اللعب.
اللعب العلاجي ليس مجرّد تسلية، بل هو أسلوب علاجي مدروس، يتيح للأطفال فرصة لفهم ذواتهم، والتعامل مع تحدياتهم النفسية بطريقة تناسب عمرهم. وإذا لاحظتِ تغيرات سلوكية أو نفسية على طفلك، فربما يكون الوقت مناسباً للتفكير في عرض حالته على أخصائي في اللعب العلاجي، لمنحه فرصة للتعافي والنمو في بيئة آمنة وداعمة.