هل تعانين من انتفاخ متكرر، عسر هضم، أو حتى حساسية تجاه بعض الأطعمة، وتتساءلين إن كان السبب هو ما يُعرف بـ متلازمة الأمعاء المتسربة؟ هذه الحالة التي أثارت جدلًا واسعًا في السنوات الأخيرة تحولت إلى مصطلح شائع يتداوله كثيرون بوصفه تفسيرًا لمجموعة من الأعراض المزعجة.
لكن ما حقيقة هذه المتلازمة من الناحية العلمية؟ وهل بالفعل يمكن أن تؤثر على صحتكِ وجودة حياتكِ اليومية؟
تشير متلازمة الأمعاء المتسربة إلى فرضية أن جدار الأمعاء الدقيقة يصبح أكثر نفاذية مما ينبغي. في الحالة الطبيعية، يعمل الغشاء المخاطي للأمعاء كحاجز شبه منفذ يسمح بمرور الماء والعناصر الغذائية إلى الدم، بينما يمنع دخول السموم والجراثيم.
أما في حالة "الأمعاء المتسربة"، فإن هذا الحاجز يضعف، فيسمح بتسرب جزيئات أكبر وربما ضارة إلى مجرى الدم، مما قد يثير استجابة مناعية تؤدي إلى الالتهاب وأعراض هضمية متعددة.
ويؤكد العلماء أن زيادة نفاذية الأمعاء أمر مثبت في بعض أمراض الجهاز الهضمي المزمنة مثل داء كرون والداء البطني (السيلياك). لكن الجدل لا يزال قائمًا حول ما إذا كانت هذه الحالة تُعد مرضًا قائمًا بذاته، أم أنها مجرد عرض جانبي لتلك الأمراض.
تشير الدراسات إلى وجود ارتباط بين زيادة نفاذية الأمعاء وبعض الأمراض الالتهابية والمناعية المعروفة، من أبرزها:
كما تشير بعض الأبحاث إلى أن تسرب منتجات بكتيرية من الأمعاء إلى الكبد عبر الوريد البابي قد يسهم في أمراض الكبد.
وهناك أيضا نظريات تربط الحالة بأمراض أخرى مثل البدانة والسكري والتهاب المفاصل والتعب المزمن والربو وحتى الفيبروميالجيا، لكن هذه الروابط لا تزال في إطار الفرضيات أكثر منها حقائق مثبتة.
رغم أن متلازمة الأمعاء المتسربة لا تملك أعراضًا محددة لتشخيصها بشكل قاطع، إلا أن ضعف جدار الأمعاء قد يرافقه عدد من العلامات المزعجة التي يشكو منها كثير من المرضى، أبرزها:
التآكل المزمن في بطانة الأمعاء لا يحدث بسهولة، إذ إن الجسم مزود بآليات مستمرة لإصلاحها. لكن عوامل عديدة قد تؤدي إلى إضعافها تدريجيا، منها:
العلاج الفعّال لا يستهدف "الأمعاء المتسربة" بشكل مباشر، بل يركز على معالجة السبب الجذري الكامن وراءها. على سبيل المثال:
حتى لو لم يكن لديك مرض مزمن، يمكنك اتباع بعض الإجراءات التي تقوي بطانة الأمعاء وتقلل الالتهاب:
تبقى "متلازمة الأمعاء المتسربة" موضوعًا مثيرًا للجدل أكثر من كونها تشخيصًا طبيًا معتمدًا، لكن لا خلاف على أن صحة الأمعاء تتأثر بشكل مباشر بنمط حياتك اليومي، سواء من خلال التغذية المتوازنة أو إدارة التوتر.
وإذا كنتِ تعانين من أعراض مزمنة، فالأهم هو مراجعة طبيب مختص لإجراء الفحوصات اللازمة وتحديد السبب الحقيقي وراء الأعراض، بدل الاعتماد على التشخيص الذاتي أو الحلول العشوائية.