تعد الجلطة المعوية، أو ما يعرف أيضًا بـ"إقفار الأمعاء"، حالة طبية نادرة وخطيرة تحدث عندما لا تحصل أجزاء من الجهاز الهضمي على تدفق الدم والأكسجين بشكل كاف.
وتكمن خطورة هذه الحالة الطبية، التي تحمل اسم "نقص تروية الأمعاء الدقيقة" أيضاً، في كونها تحدث فجأة؛ ما يجعل تشخيصها صعبًا في الوقت المناسب، ويضاعف من خطورتها على حياة المريض.
إقفار الأمعاء أو نقص تروية الأمعاء واحتشاءها هي حالة طبية نادرة وخطيرة تحدث نتيجة تضيق أو انسداد في أحد الشرايين أو الأوردة التي تغذي الأمعاء الدقيقة، غالبًا بسبب اضطرابات في الدورة الدموية؛ ما يؤدي إلى نقص إمداد الأمعاء بالدم والأكسجين اللازمين لوظيفتها.
ومن دون تدفق دم كافٍ، لا تحصل الأعضاء والأنسجة المصابة على ما يكفي من الأكسجين ما يُعيق عملها الطبيعي ويؤدي إلى تلفها تدريجيًا. وفي الحالات الشديدة، قد تموت هذه الأنسجة والأعضاء؛ ما يُسبب مضاعفات خطيرة تهدد الحياة. وغالبًا ما تكون الجلطة المعوية مميتة إذا لم تُشخّص وتُعالج بسرعة، لذا يُعدّ التدخل الطبي العاجل أمرًا بالغ الأهمية لإنقاذ المريض.
ويُعتبر نقص تروية الأمعاء الدقيقة (Intestinal Ischemia) أكثر شيوعًا لدى كبار السن، وغالبًا ما يتزامن مع وجود أمراض في القلب أو اضطرابات في الدورة الدموية، لاسيما تلك التي تزيد من خطر تكوّن جلطات الدم.
بحسب موقع Cleveland Clinic، تُقسم الجلطة المعوية إلى نوعين رئيسيين، يختلفان من حيث السبب، سرعة التطور، وشدة الأعراض:
1. نقص تروية الأمعاء الدقيقة الحاد
يحدث هذا النوع بشكل مفاجئ وسريع، نتيجة انسداد مفاجئ في أحد الشرايين المغذية للأمعاء الدقيقة، وغالبًا ما يكون بسبب جلطات دموية.
يشبه تطور الحالة ما يحدث في النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، إذ يؤدي الانسداد الحاد إلى أعراض شديدة ومفاجئة مثل ألم بطني حاد وفقدان التروية. ويُعد هذا النوع من الحالات الطبية الطارئة التي تتطلب تدخلاً فورياً لتفادي تلف الأنسجة أو الوفاة.
2. نقص تروية الأمعاء الدقيقة المزمن
يحدث نقص تروية الأمعاء الدقيقة المزمن تدريجيًا، وعادةً ما يحدث بسبب تضيق الشرايين المساريقية. تستغرق هذه الحالة وقتًا أطول للتطور، وعادةً ما تتفاقم الأعراض مع مرور الوقت.
بحسب ما ذكره موقع MedlinePlus، فإن جلطة الأمعاء أو ما يُعرف بـنقص تروية الأمعاء واحتشاءها، قد تحدث نتيجة مجموعة من العوامل التي تؤثر على تدفق الدم إلى الجهاز الهضمي، وأبرز هذه الأسباب:
الفتق: عند انتقال الأمعاء إلى موضع غير طبيعي أو تشابكها داخل البطن، قد ينقطع تدفق الدم عنها. ويُعد الفتق أحد الأسباب الشائعة التي قد تؤدي إلى اختناق الأمعاء وحرمانها من الأوكسجين.
الالتصاقات: بعد الخضوع لعمليات جراحية في البطن، قد تتكوّن التصاقات أو نُدب داخلية تلتف حول الأمعاء وتضغط عليها. هذا الضغط قد يعيق حركة الدم ويؤدي إلى نقص التروية المعوية في حال تُرك من دون علاج.
الانسداد: يمكن أن تسد جلطة دموية أحد الشرايين التي تغذي الأمعاء؛ ما يسبب توقفًا مفاجئًا في التروية. وتزداد هذه الخطورة لدى الأشخاص الذين أُصيبوا سابقًا بـنوبات قلبية أو يعانون من اضطرابات نظم القلب مثل الرجفان الأذيني.
تضيق الشرايين: كما هو الحال في أمراض القلب، فإن تراكم الترسبات الدهنية (الكوليسترول) داخل الشرايين المساريقية يمكن أن يضيّق مجرى الدم إلى الأمعاء تدريجيًا؛ ما يؤدي إلى نقص مزمن في التروية قد يتفاقم مع الوقت.
تضيق الأوردة المعوية: لا تقتصر المشكلة على الشرايين، فقد تُسد أيضًا الأوردة المسؤولة عن تصريف الدم من الأمعاء، وذلك بفعل جلطات دموية؛ ما يُعيق العودة الطبيعية للدم. وتظهر هذه الحالة غالبًا لدى الأشخاص المصابين بـأمراض الكبد، السرطان، أو اضطرابات تخثر الدم.
انخفاض ضغط الدم: في بعض الحالات، قد يؤدي هبوط ضغط الدم الحاد لدى الأشخاص الذين يعانون أصلًا من تضيق في الشرايين المعوية إلى انقطاع جزئي أو كلي في التروية الدموية للأمعاء. وغالبًا ما يحدث ذلك في سياق مشاكل طبية خطيرة مثل الفشل القلبي أو الصدمة.
توجد مجموعة من الأمراض والحالات الصحية التي تُضاعف خطر الإصابة بـنقص تروية الأمعاء أو ما يُعرف بـالجلطة المعوية، وتشمل ما يلي:
العرض الرئيسي لنقص تروية الأمعاء هو ألم في البطن، خصوصًا إذا كان الألم شديدًا. وتتضمن قائمة أعراض الجلطة المعوية ما يلي:
يعتمد تشخيص نقص تروية الأمعاء أو ما يُعرف بـالجلطة المعوية على الفحص السريري إلى جانب مجموعة من التحاليل المخبرية وتقنيات التصوير الطبي. ورغم التقدم الطبي، يبقى الكشف المبكر عن هذه الحالة تحديًا كبيرًا، بسبب تشابه أعراضها مع اضطرابات هضمية شائعة.
مع ذلك، يمكن لبعض الفحوصات أن تُعطي مؤشرات واضحة على وجود المشكلة. فعلى سبيل المثال، قد تُظهر تحاليل الدم ارتفاعًا في عدد خلايا الدم البيضاء، وهو ما يدل على وجود التهاب أو استجابة مناعية. كما قد تكشف تقنيات التصوير مثل الأشعة المقطعية (CT scan) عن علامات على نقص التروية، أو حتى احتمالية حدوث نزيف داخلي في الجهاز الهضمي.
وتشمل فحوصات الكشف عن إفقار الأمعاء ما يلي:
للأسف، في بعض الأحيان، تكون الطريقة الوحيدة للكشف عن حالة نقص تروية الأمعاء هي الجراحة.
يُعد تلف أو موت أنسجة الأمعاء نتيجة الإصابة بمشكلة إفقار الأمعاء حالة خطيرة، وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة إذا لم يُعالج فورًا. بينما إذا خضع المريض للعلاج الفوري فقد تتحسن حالته كثيرًا.
تفصيلا، تحتاج جميع خلاياك وأنسجتك وأعضائك إلى إمداد مستمر من الدم والأكسجين، ودونه ستبدأ بالموت. لذا؛ ما يجعل نقص تروية الأمعاء حالة خطيرة للغاية هو تأثير النقص في الإمداد المستمر من الدم والأكسجين على أمعائك، التي تحتوي على تريليونات من البكتيريا.
عادةً، تكون هذه البكتيريا مفيدة وتساعدك على هضم الطعام الذي تتناوله، لكن عندما تبدأ أمعائك بالموت، يمكن أن تنتشر هذه البكتيريا إلى أماكن لا تنتمي إليها وتسبب التهابات خطيرة.
أيضا يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعفن الدم، وهي حالة تهدد الحياة، وتحدث عندما يؤدي رد فعل جهازك المناعي المفرط تجاه العدوى إلى إتلاف جسمك أيضًا.
نقص تروية الأمعاء مشكلة صحية قابلة للعلاج والشفاء بشرط اكتشافها مبكرًا، وعندها تكون الأولوية الأولى هي استعادة الدورة الدموية في أسرع وقت ممكن. ولأن الجلطة المعوية تزداد خطورة مع مرور الوقت، فقد يوصي الطبيب المعالج بإجراء عملية جراحية أسرع.
بعد استعادة تدفق الدم، تتمثل الأولوية التالية في فحص الأنسجة التالفة أو الميتة، وفي الحالات التي تكون فيها أجزاء من الأمعاء أو القولون ميتة بسبب نقص تدفق الدم، فإن إزالة تلك الأجزاء هي الطريقة الوحيدة لإصلاح الضرر ومنع المضاعفات المهددة للحياة.
تعتمد المضاعفات والآثار الجانبية على طبيعة الحالة والإجراء العلاجي الذي تلقاه المريض. وبشكل عام، تتضمن قائمة المضاعفات المحتملة لاحتشاء الأمعاء ما يلي:
هناك العديد من الإجراءات والتدابير الوقائية التي يمكنك اتخاذها لتقليل خطر الإصابة بالجلطة المعوية، وتتضمن ما يلي: