إذا كنت تعتقدين أن تغيّر دماغ الحامل مجرد ظاهرة وهمية لا أكثر، فيجب أن تعيدي الحسابات، فطبياً دماغ المرأة الحامل يتغير حقيقيا. وهو ظاهرة موثقة علميا يعاني منها عدد كبير من النساء الحوامل، وتتجلى في ضعف الذاكرة، تشتت الانتباه، وصعوبة التركيز.
فإذا وجدت مفاتيح منزلك في الثلاجة، أو نسيت أين وضعت هاتفك خمس مرات في يوم واحد، أو وقفت مترددة أمام المصعد لا تتذكرين في أي طابق تسكنين، فأنت لست وحدك.
فهذه المواقف البسيطة والغريبة، هي تجارب شائعة لدى النساء الحوامل وتعرف باسم "دماغ الحمل".
ورغم أن الأعراض الجسدية للحمل مثل الغثيان، التعب وتغير الشهية تحظى بنصيب الأسد من النقاش، إلا أن التغيرات الذهنية والعقلية لا تقل أهمية.
فبحسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، ما بين 50 إلى 80٪ من النساء الحوامل يعانين من مشكلات في الذاكرة والتفكير.
هو حالة ذهنية مؤقتة تصيب المرأة خلال فترة الحمل، وتؤثر على الوظائف المعرفية مثل الذاكرة، التركيز والتنظيم.
وقد تجد الحامل نفسها تنسى مواعيد مهمة، تكرر الأسئلة، أو تستغرق وقتا أطول لإنجاز مهام كانت بسيطة من قبل. وغالبا ما يبدأ في الثلث الثاني من الحمل ويستمر حتى بعد الولادة بفترة.
تغيّر دماغ الحامل حقيقي ومدعوم بأدلة علمية، فالتغيرات الهرمونية الهائلة التي يمر بها الجسم أثناء الحمل خصوصا ارتفاع مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون تؤثر بشكل مباشر على الدماغ.
ودراسات متعددة وفق ما نشر موقع thebump، أظهرت تغييرات فعلية في بنية الدماغ لدى النساء الحوامل، خصوصا في المناطق المسؤولة عن الذاكرة والإدراك.
فواحدة من أهم الدراسات في هذا المجال نشرت عام 2016، أظهرت أن النساء اللواتي أنجبن حديثا أظهرن انخفاضا في حجم المادة الرمادية في مناطق معينة من الدماغ مقارنةً بالرجال والنساء غير الحوامل.
وهذه المناطق مسؤولة عن الإدراك الاجتماعي، أي القدرة على فهم نوايا ومشاعر الآخرين، وهو ما يفسره بعض العلماء بأنه استعداد بيولوجي لتعزيز الارتباط العاطفي مع المولود الجديد.
لا يوجد توقيت واحد ينطبق على الجميع، لكن الكثير من النساء يبلغن عن بدء الشعور بآثار دماغ الحمل خلال الثلث الثاني، حين يبدأ الجسم بالتكيف مع مستويات الهرمونات الجديدة، ويبدأ الجنين بالنمو السريع.
ومع اقتراب الولادة، تزداد الأعراض وقد تستمر حتى ما بعد الولادة بعدة أشهر، خصوصا مع قلة النوم والضغط النفسي الناتج عن رعاية المولود.
رغم أن دماغ الحمل مزعج في بعض الأحيان، إلا أنه ليس دائما، ولا يتطلب علاجا طبيا، لكن هناك بعض النصائح العملية لتخفيف آثاره:
في النهاية تغير دماغ الحامل ليس علامة على الخرف، ولا على فقدان السيطرة. إنه أحد الأوجه العديدة للتكيف البيولوجي والعاطفي الذي يحدث أثناء رحلة الحمل.
ورغم أنه قد يربك حياة المرأة الحامل، إلا أنه يعمل على تهيئتها نفسيا لوظيفة الأمومة بشكل أعمق.