في عالم يسوده الإيقاع السريع، نردد أننا نريد مزيدًا من اللطف في حياتنا، لكن الحقيقة أن ما يطغى على هذا اللطف غالبًا ليس القسوة، بل العجلة.
وفي بعض الأحيان، قد يكون السماح لأنفسنا بالتأخر قليلًا هو مفتاح استعادة إنسانيتنا.
تخيّل أنك تسير مسرعًا إلى اجتماع، تراجع في رأسك كلمات الاعتذار، لتجد شخصًا يبتسم أو يطلب دقيقة للحديث. تومئ برأسك وتواصل السير، لأنك ببساطة، في عجلة من أمرك.
هذه اللحظات الصغيرة التي نفوّت فيها فرصة التواصل ليست نادرة، بل تتكرر كثيرًا.
في انشغالنا، نخسر فرصًا بسيطة لبناء روابط إنسانية: سؤال شخص عن حاله والبقاء للاستماع، توديع صديق كما يجب، أو إرشاد سائح إلى وجهته. وربما الأهم، أننا نخسر اللحظات الثمينة مع أحبائنا لأننا نهرول نحو “الموعد التالي” الذي قد لا يبدأ حتى بعد وصولنا بوقت.
الضغط المستمر على الالتزام بالدقيقة يجعلنا أكثر توترًا وأقل حضورًا. أحيانًا، يكون التمهّل بضع دقائق بمثابة عمل كريم تجاه أنفسنا قبل الآخرين، فنصل أكثر هدوءًا واتزانًا، وقادرين على منح انتباهنا الكامل لمن أمامنا.
أن تتأخري بعض الشيء لا يعني ألا تبالي بالآخرين، بل يمكنك التأخر بلطف عبر بعض الخطوات:
خطط للوصول قبل الموعد بخمس دقائق أو قلّل من قائمة مهامك لتترك مساحة للتواصل.
الإسراع المفرط عند التأخر يزيد الأخطاء والتوتر. اختر اللطف بدل الاندفاع.
إذا كان تأخرك سببه أمر مهم أو إنساني، فلا تخجل من ذكره، حتى لو كان استراحة قصيرة لالتقاط أنفاسك.
الضغط والسرعة المفرطة في أماكن العمل قد يمحوان التعاطف بين الزملاء. لكن مجرد أخذ دقيقة للاعتراف بصعوبة الموقف أو السؤال عن حال الآخرين يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في شعورهم.
بالطبع، هناك مواعيد يجب احترامها، لكن جعل كل لحظة معركة ضد عقارب الساعة يحرمنا من الحاضر. وفي زمن تقل فيه مظاهر التعاطف، ربما يكون الحل أبسط مما نتوقع: أن نتقدم نحو الحياة بخطوات أقل عجلة. أحيانًا، بلا ندم، عليك أن تتأخر.