header-banner
تطوير الذات

لوم الذات يمنعك من تحقيق السعادة

تطوير الذات
إيمان بونقطة
20 يونيو 2025,9:45 ص

عندما نتعرض للأذى العاطفي، خاصة في علاقات وثقنا بها، يكون اللوم أول ما يتبادر إلى أذهاننا.

نلوم من جرحنا، ونلوم أنفسنا لأننا لم نحذر، ونلوم الظروف التي خذلتنا. يبدو اللوم وكأنه يمنحنا بعض القوة، لكنه في الحقيقة يُبقينا أسرى للماضي.

التمكين، على النقيض، لا يحتاج إلى تبرير ولا يُغذّي الغضب، بل يعيدنا إلى اللحظة الراهنة، حيث نملك القرار. هو ما يسمح لنا بالشفاء، لا بالانتقام، وبالنهوض لا بالتقوقع.

في هذا المقال، نكتشف لماذا لا يمكن للّوم والتمكين أن يتعايشا، وكيف يقودنا تبنّي هوية الشفاء إلى استعادة قيمتنا وكرامتنا، بعيدًا عن دور الضحية.

اللوم يعلقنا بالماضي

de4324b8-ac6c-435c-bbfd-fda3c3fcc992

اللوم يركّز على كيف ولماذا حدث الأذى. إنه يضع السلطة في يد الآخرين أو الظروف الخارجية. أما التمكين، فهو تحوّل داخلي، يرفع قيمة اللحظة الحالية ويمنحنا القدرة على اتخاذ خطوات نحو مستقبل أفضل.

عندما نلوم، نكون عالقين في حفرة من الذكريات، نحفرها أعمق كلما استعدنا تفاصيلها. لكن التمكين، على العكس، يمنحنا سلّمًا للخروج من تلك الحفرة. إنه يعيد ربطنا بقيمنا الحقيقية، ويجعلنا نشعر بأن لدينا سيطرة على حياتنا.

قوة مؤقتة.. ضعف على المدى البعيد

صحيح أن الغضب الناتج عن اللوم يمنحنا شعورًا لحظيًا بالقوة، لكنه سرعان ما يتحوّل إلى حزن عميق وشكّ في الذات. هذا المسار النفسي مألوف في العلاج النفسي، حيث يعبّر البعض بوضوح عن رفضهم للشفاء؛ لأنهم يعتبرون ذلك بمثابة "تبرئة" للمسيئين. في تلك اللحظة، يصبح الشخص سجينًا في سردية الماضي، رافضًا استعادة قوته.

أخبار ذات صلة

فن الإصغاء إلى الذات في زمن ضجيج الحياة والآراء

كيف تبني ذاتًا تقودك إلى النور؟

للتغلب على سطوة اللوم، لا بد من تطوير ما يُعرف بـ"هوية الشفاء". وهي حالة داخلية ترتكز على المرونة والقوة والرغبة الحقيقية في تحسين الحياة. صاحب هذه الهوية لا ينكر ألم الماضي، لكنه لا يسمح له بتحديد من هو، ولا يُغرق نفسه في روايات الضحية أو الأفكار السوداوية.

بل يبقى متّصلًا برغبته العميقة في التعافي والنمو، فيتعلّم كيف يتعامل مع الذكريات المؤلمة بوصفها إشارات لحماية نفسه اليوم لا تبريرات لتعليق حياته.

الذكريات المؤلمة قد تكون بوابة للشفاء

الألم العاطفي يحمل في طيّاته آلية للشفاء. لكنه يحتاج إلى مساحة تُحترم فيها القيم العاطفية العميقة. مثلًا، حين يحاول الإنسان أن يقي نفسه من ألم الفقدان بمنع الحب عن نفسه وعن الآخرين، فإنه يعطّل سير الشفاء الطبيعي. بينما إذا سمح لقلبه بأن يحب مجددًا، تتحوّل ذكرى الفقد إلى لحظة امتنان بدل أن تظلّ جرحًا مفتوحًا.

بهذا المعنى، تتحوّل الذكريات مع الزمن إلى محفّزات للقوّة والوعي، لا إلى عبء يعوق الحياة. لكن ذلك لا يحدث حين نُغرق أنفسنا في دوّامة اللوم أو نعلّق هويتنا على ما فعله الآخرون بنا.


اللوم والشفاء لا يسيران معًا. أحدهما يُغذّي الغضب ويُعيدك إلى الوراء، والآخر يمدّك بالهدوء العاطفي والطاقة للمضي قدمًا. في نهاية المطاف، الخيار بين يديك: هل تود أن تكون شاهدًا على ألمك، أم صانعًا لتعافيك؟ 

أخبار ذات صلة

هل يمكن أن يتحول تقدير الذات إلى قيدٍ خانق؟

 

footer-banner
foochia-logo