ليست المتعة دائمًا ما نظنه بهجة عابرة أو لحظة نشوة مؤقتة. أحيانًا، تأتي على هيئة سكون نحبّه، أو عمل بسيط نشعر فيه بأنفسنا، أو حتى في سؤال صغير يفتح نافذة في داخلنا.
كثير منا يعيش أيامه مدفوعًا بالإلحاح والواجبات، ناسياً أن يسأل: متى آخر مرة شعرتُ فيها بمتعة حقيقية؟ وما الذي منحني هذا الشعور؟
هذه الأسئلة ليست ترفًا، بل بوصلة تساعدنا على العودة إلى أنفسنا، وإعادة ترتيب علاقتنا بالحياة... لاكتشاف ما يمنحنا البهجة لا كما تُعرّف في الخارج، بل كما نشعر بها في الداخل.
في السطور الآتية، ستجدين مجموعة من الأسئلة العميقة، البسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل القدرة على كشف طرق المتعة التي تناسبك أنت، لا أحد سواك.
سواء كنت بصدد تكوين صداقات في العمل أو الخروج في موعد، لا بد أن يأتي هذا السؤال في مرحلة ما، وتحتاجين حينها أن تعرفي كيف تجيبن عليه.
عندما يسألك أحدهم عمّا تفعلينه من أجل التسلية، عليك أن تأخذي الأمر بكل بساطة، ولا تعتبري السؤال على أنه اختبار. فأنت لستِ مضطرّة إلى الشرح أو الدفاع عن اهتماماتك.
إن القاعدة الأولى هي: لا تشرحي. لكن إذا وجدت أن إجابتك قد أشعرتك بعدم الثقة، عندها يكون الخير فيما حصل، لأن هذا سيدفعك للتفكير في السبب الذي يجعلك غير فخورة بما تفعلينه يومياً، وربما يدفعك نحو تغيير إيجابي في حياتك.
لمعرفة ما إذا كنت تقضين وقت فراغك في الاستمتاع فعلاً، فكّري، هل غالباً ما تجدين نفسك تضحكين؟
عندما تمرين بوقت عصيب، تتراكم المشاعر السلبية. فتجدين نفسك أقل ميلاً للاستمتاع أو الضحك أو التفاعل العفوي. وقد يبقيك هذا عالقة في نظرة جدية تجاه الحياة.
ولكن عندما تبدأين بالعثور على أسباب للضحك، حتى وإن كانت تافهة أو سخيفة، فإنك تخلقين زخماً إيجابياً يخرجك من هذه الحالة. قد تستمتعين بمشاهدة الكوميديا، أو بالخروج مع الأصدقاء، أو قراءة كتاب شائق. كل هذه الأشياء تتراكم لتجعل حياتك أفضل.
إن قضاء الوقت بالاستمتاع فقط قد يتحول إلى متعة مفرطة بلا معنى أو هدف، بحيث تصبح "المتعة" فارغة تماماً. إذ عليك أيضًا أن تعتني بشؤونك، وأن تكوني في قمة تركيزك في أعمالك، فحتى هذا يمكن أن يكون ممتعاً، لأن تحقيق التقدم نحو أهدافك يمنح الشعور بالرّضى.
من الذي يستمتع أكثر من غيره عادةً؟ إنهم الأشخاص غير التقليديين، الذين يفعلون أشياء تجعلهم يتواصلون مع العالم، كالمشاركة في تنظيم الفعاليات، أو مقابلة أشخاص جدد، أو حتى المغامرة في المجهول أحياناً. عندما تعيشين على حافة حدودك المألوفة، لن تُحرمي من المرح.
إن البشر بطبيعتهم كائنات اجتماعية، لذا، إذا لم يكن لديك من تقضي الوقت معهم، فلن تجدي الكثير من المتعة.
إن الأشخاص الذين يعرفونك ويحبونك هم من يشاركونك الحياة الممتعة من خلال صداقتهم وليس الغرباء. فأصدقاؤك المقربون يساعدونك على إظهار جوانب من نفسك قد تبقى خفية وتذبل لولاهم.
عندما يسألك أحدهم عمّا تفعلينه من أجل الاستمتاع، ستكون فكرة الهوايات، على الأرجح، هي أول ما يخطر في بالك. ولكن الهواية الحقيقية لا يجب أن تكون شيئاً كبيراً، بل شيئًا تستمتعين به ويناسب نمط حياتك.
قد تكون الهواية بالنسبة لشخص اجتماعي، الخروج مع مجموعة من الأشخاص، أو تكون مجرد قراءة كتاب في المساء بالنسبة لأب أو أم مشغولة. وإن ظن الآخرون أن ما تحبينه ممل، فهذا أمر لا يعنيك و لايجب أن يؤثر فيك، المهم أن تمتلكي شغفك وتفتخري به!
عندما نفكّر في الشخصيات المختلفة، نجد هناك الاجتماعيين والانطوائيين، وهما كالليل والنهار.
يسعد الشخص الإجتماعي من خلال التحدث مع أي شخص تقريباً، كما لا يحب البقاء في مكان واحد طويلاً، ولديه قدرة طبيعية على التواصل حتى مع الغرباء. أما الإنسان الانطوائي، فيستطيع أن يتفاعل مع الأشخاص، ولكن لأوقات قصيرة فقط، إذ أن ذلك يُتعبه. فهو يفضل الهدوء وقضاء الوقت بالإبداع والتفكير العميق والعلاقات الفردية ذات المعنى.
حددي شخصيتك، إن معرفة هذا عن نفسك يساعدك في تشكيل حياتك بطريقة تناسبك تماماً.
إذا كان لا بد للنشاط الذي ستقومين به أن يكون استثنائياً حتى تشعري بالمتعة، فلقد رفعت سقف توقعاتك أكثر من اللازم، إذ يستطيع الأشخاص المرحون حقاً جعل أي موقف يبدو أكثر متعة.
إن الاستمتاع أحياناً هو مجرد ممارسة أو عادة، حيث تحفّزين نفسك على الدخول في حالة ذهنية ممتعة. قد يبدو الأمر مصطنعاً في البداية، لكن إذا واصلت البحث عن ذلك الإحساس الحقيقي، ستجدينه.
ربما سمعت الناس يستخدمون كلمة "الإبداع" بطريقة تشمل الجميع. لكن المشكلة أن الكلمة إن شملت الجميع تفقد معناها.
في حين أن معظم الناس ليسوا مبدعين على الإطلاق، إلا أن البعض مبدعون جداً، وهؤلاء يشعرون بالبؤس عادةً إن لم يستطيعوا الإبداع، كالكتابة، التصميم، الموسيقى، الفن، إلخ.
إسألي نفسك إن كنت مبدعة، سيخبرك ذلك الكثير عما يعنيه المرح بالنسبة إليك.
إذا ما عرف الإنسان نفسه وكان منسجماً مع ذاته، فسيكون من السهل عليه قضاء أوقات فراغه بأمور يستمتع بها على بساطتها.