في مشهد مألوف لكثير من الآباء: عيد ميلاد طفلك، وقد حصل على كل ما كان يحلم به، إلا تلك اللعبة النادرة التي لم تجدها في أي متجر.
تتغير ملامحه فجأة، وتنهمر دموعه، وتشعر أنت برغبة قوية في إصلاح الموقف فورًا، ربما بالبحث المحموم على الإنترنت أو زيارة متجر آخر. فكل ما تريده هو أن تراه سعيدًا، أليس كذلك؟
لكن، ماذا لو كانت هذه اللحظة من الخيبة هي فرصة ذهبية لنموه العاطفي.
ترسّخت في ثقافتنا فكرة أن الطفل السعيد دائمًا هو انعكاس لنجاح الوالدين، لكن علم النفس يؤكد أن حماية الطفل من أي شعور سلبي قد تحرمه من مهارات أساسية، أهمها القدرة على تحمّل الانزعاج والتأقلم مع الصعوبات.
الأبحاث تشير إلى أن مشاعر مثل الإحباط أو الحزن أو خيبة الأمل ضرورية لنمو النضج العاطفي.
فالطفل الذي يختبر هذه المشاعر ويتعلم التعامل معها، يصبح أكثر قدرة على ضبط انفعالاته، وتأجيل إشباع رغباته، ومواجهة تحديات الحياة لاحقًا بثقة.
من منظور نمو الطفل، ردود الفعل العاطفية الحادة أمر طبيعي، خصوصًا في السنوات الأولى، إذ لا تزال أدمغتهم في طور النضج، وقدرتهم على تهدئة أنفسهم محدودة. لكن مع كل تجربة صغيرة من الإحباط، يبدأ الطفل في اكتساب أدوات التكيف التي سيحتاجها في مراهقته وحياته البالغة.
دراسة "اختبار المارشميلو" الشهيرة لعالم النفس والتر ميشيل أظهرت أن الأطفال الذين تمكنوا من تأجيل إشباع رغبتهم (الانتظار للحصول على مكافأة أكبر) حققوا نتائج أفضل لاحقًا في حياتهم الدراسية وقدرتهم على إدارة التوتر.
المفتاح هو التعاطف والتوجيه، لا الإسراع في إزالة مصدر الإحباط. إليك بعض الخطوات العملية:
قُل لطفلك: أعرف أنك حزين لأنك لم تحصل على هذه اللعبة، وهذا أمر طبيعي.
تجنّب العبارات مثل: الأمر ليس مهمًا أو ستنسى بسرعة. بدلاً من ذلك، اربط مشاعره بالصورة الأكبر: صحيح أنك تشعر بالخيبة الآن، لكن ربما سنكتشف أشياء ممتعة أخرى اليوم.
ساعده على التفكير في بدائل أو تذكيره بكيفية تجاوزه مواقف مشابهة من قبل.
أظهر له أنك أنت أيضًا تتعامل مع الإحباط بهدوء، لأن الأطفال يتعلمون كثيرًا من ردود أفعالنا أكثر مما يتعلمونه من نصائحنا.
عندما نسمح لأطفالنا بخوض تجارب خيبة الأمل الصغيرة، فإننا نمنحهم فرصة لتقوية المرونة النفسية، وهي القدرة على مواجهة الضغوط والأزمات من دون الانهيار. هذه المهارة تجعلهم أكثر استعدادًا لبناء علاقات صحية وتحقيق أهدافهم حتى في ظل الصعوبات.
في النهاية، التربية الناجحة ليست إزالة العقبات من طريق الطفل، بل منحه الأدوات التي تمكّنه من السير فيها بنفسه.