لسنواتٍ طويلة، ارتبطت صورة الأم الناجحة بقدرتها على "فعل كل شيء" دون كلل. كانت تُمدح الأم التي تحضر كل فعاليات المدرسة، وتحضّر الوجبات المثالية، وتتابع تفاصيل الواجبات، وتمزج بين حياتها المهنية والعائلية ببراعة، أو على الأقل هذا ما روّجته ثقافة الأداء.
لكن ماذا لو قررت أن تقدمي أقل مما ينبغي، أو أقل مما يطالبك به المجتمع، وتركزي على ما يحتاجه طفلك حقا، ولديك الطاقة الكافية لإنجازه؟
ربما يجعلك هذا التقليل المتعمد من المهام أمّاً أكثر حضورا وسعادة.
الكثير مما يُروَّج للأمهات العاملات، خاصة صاحبات الطموح العالي، هو أن بمقدورهن "الحصول على كل شيء" بمجرد أن يخططن جيدًا أو يعملن أكثر أو يوكلن المهام لآخرين.
لكن الحقيقة، أن هذا الضغط المستمر لا يؤدي إلى حياة مُرضية، بل يُنتج أمومة مليئة بالإجهاد، ومشاعر الذنب، والركض المستمر لإثبات الذات.
لا يُقصد بالقيام بأقل مجهود إهمال الأطفال أو الانسحاب من المسؤوليات، بل إعادة ترتيب الأولويات، والتخلّي عن الكمال غير الواقعي، والتركيز على ما يهم فعلًا في حياة الأم والطفل.
إليك بعض الممارسات التي يمكن أن تعكس هذه الفلسفة:
ومع هذا التحوّل، قد تجدين أن الأطفال يصبحون أكثر استقلالية وثقة بالنفس. أما الأم، فتستعيد تواصلها الحقيقي مع اللحظة، وتتحرر من وهم الأداء المستمر.
وتضيف أن ما ينطبق على القيادة في العمل ينطبق أيضًا على الأمومة: القادة العظماء لا يُديرون كل التفاصيل، بل يمنحون الثقة، ويتركون المجال للنمو. وكذلك الأم، حين تتراجع خطوة إلى الخلف، تمنح طفلها فرصة حقيقية للتعلّم والتطور.
إن السعي لأن تكون الأم "كاملة" طوال الوقت ليس إنجازًا، بل عبء خفي يؤذي العلاقة مع الذات والطفل. وأن القيام بمجهود أقل، حين يُمارس بوعي، ليس انسحابًا بل اختيار واعٍ لصحة عاطفية أفضل، وتجربة أمومة أكثر توازنًا وإنسانية.