من الطبيعي أن يقلق الأهل على أطفالهم، لكن في السنوات الأخيرة، بات هذا القلق يأخذ شكلاً دائمًا ومتعبًا، خاصة في ظل الضغوط الحديثة والتغيرات السريعة في نمط الحياة.
وفقًا للدكتورة شيريل زيغلر، المتخصصة في الصحة النفسية للأطفال ومؤلفة كتاب السنوات الحاسمة، فإن الفترة الممتدة من الطفولة المتوسطة (6 إلى 12 عامًا) تمثّل أرضًا خصبة لتطوّر الثقة بالنفس وتنظيم المشاعر وبناء الأساس للمرونة النفسية. وما يحتاجه الطفل في هذه المرحلة ليس الكمال أو التفوق، بل الحضور العاطفي الحقيقي من والديه.
نحن اليوم لا نربّي أطفالًا فقط، بل نقوم بذلك تحت ضغط المقارنات، وتفاقم القلق بشأن الأمان، والمنافسة الأكاديمية المبكرة. هذه العوامل كلها تُربك الأهل، وتجعلهم يشعرون أن أي لحظة هدوء قد تُكلّف أبناءهم التأخّر عن الركب.
حين تشعرين أن القلق يسيطر على تفكيرك، جرّبي الخطوات الآتية:
ما هو الشيء الذي يثير قلقك تحديدًا؟ افتقاد طفلك للثقة؟ قلة أصدقائه؟ تراجع مستواه الدراسي؟ تحديد مصدر القلق بدقة يساعد على تقليصه والتعامل معه بواقعية.
الأطفال يتعلّمون تهدئة أنفسهم من خلالنا. إذا كنت متوترة، فإن طفلك سيلتقط ذلك فورًا. خصّصي وقتًا للتنفّس العميق، المشي، أو كتابة مشاعرك في دفتر. مجرد قولك: أنا أشعر بالإرهاق الآن، لكنني أعمل على تهدئة نفسي. يمنح طفلك نموذجًا صحيًا لتنظيم المشاعر.
هل تقلقين بشأن مهارات طفلك الاجتماعية؟ ابدئي بعشر دقائق يومية من التواصل الحقيقي من دون مشتّتات. هل يقلقك افتقاره للثقة؟ ركّزي على تشجيعه على المحاولة بدلًا من البحث عن النتائج. فالمتانة النفسية تُبنى في العلاقات، لا في التقييمات.
إذا كنت ترغبين أن يشعر طفلك بالأمان وأن يُحبّ ذاته كما هو، فابدئي بنفسك. لا تقارني نفسك أو طفلك بالآخرين. تقبّلي الأخطاء كجزء طبيعي من التعلم. أظهري له أن التقدم ليس سباقًا، بل رحلة.
في كل مرة تشعرين بأنك تغرقين في دوامة "ماذا لو؟"، ذكّري نفسك:
قلقك إشارة إلى حبك، لكن حضورك المتّزن هو ما يحتاجه طفلك فعلاً.
الأطفال لا يحتاجون إلى آباء خالين من القلق، بل إلى آباء يستطيعون مواجهة قلقهم والتصرّف من منطلق الوعي والحب، لا من منطلق الخوف.
طفلك بحاجة لأن تطمئنيه أن التحديات التي يواجهها طبيعية، وأنك حاضرة لتعليمه كيف يركب أمواج الحياة بثقة، لا ليخافها أو يهرب منها.