منذ اللحظة الأولى التي تحتضن فيها الأم مولودها، يبدأ نسيج خفي بالتشكّل... علاقة تتجاوز اللمس والنظر إلى ما هو أعمق: الأمان، الحب، والانتماء.
تعزيز الارتباط العاطفي بين الأم والرضيع ليس مجرد لفتة حنان إضافية، بل هو الأساس النفسي الذي تقوم عليه شخصية الطفل وثقته بنفسه وعلاقته بالعالم من حوله.
الارتباط العاطفي هو علاقة نفسية عميقة تنمو من خلال فهم احتياجات الرضيع وإشاراته، واستجابة الأم لتلك الإشارات بحب وحنان.
عندما يشعر الطفل بأن من حوله يفهمه دون أن يتحدث، ويستجيب لبكائه دون تردد، فإن ذلك يعزز لديه الشعور بالأمان، ويؤسس لعلاقة متينة تدوم مدى الحياة.
التواصل مع الطفل لا يتطلب مفردات، بل يحتاج إلى حضور حقيقي. من أبرز طرق التواصل مع الطفل الرضيع:
فقد أظهرت دراسات عديدة أن أهمية التحدث والغناء للرضيع لتطوير العلاقة العاطفية تكمن في أن صوت الأم يُطمئن الطفل، ويحفّز تطور دماغه، ويقوّي الرابط العاطفي بينهما بشكل كبير.
قد لا يدرك البعض أن أهمية حضن الأم للرضيع تتجاوز مجرد الشعور بالدفء. فالعناق يحفّز إفراز هرمون الأوكسيتوسين، المعروف بـ"هرمون الحب"، والذي يعزّز الشعور بالطمأنينة ويخفف من توتر الطفل.
الأطباء يشجعون الأمهات على احتضان أطفالهن قدر الإمكان، خاصة في الأشهر الأولى، لتقوية هذا الرابط النفسي الدافئ.
البكاء هو وسيلة الرضيع الوحيدة للتعبير. وفي كل مرة تستجيب الأم بحنان، فإنها تقول له ضمنيًا: "أنا هنا، أفهمك، ولن أتركك". لذا، كيف تتعامل الأم مع بكاء الرضيع وتهدئته؟
الخطوة الأولى هي عدم تجاهل البكاء أو التقليل منه. التربيت على الظهر، حمل الطفل بحنان، التحدث إليه بصوت هادئ، أو ببساطة احتضانه، كلها وسائل فعالة لتهدئته وتعزيز الثقة بينه وبين والدته.
ليست كل أم تشعر بالارتباط الفوري بعد الولادة، وهذا أمر طبيعي. الإرهاق، تغير الهرمونات، أو حتى تجربة ولادة صعبة قد تؤخر مشاعر التواصل. المهم هو عدم جلد الذات، والبحث عن وسائل بسيطة تعيد بناء الجسر، مثل التواصل الجسدي، الاستماع إلى إشارات الرضيع، وطلب الدعم عند الحاجة.
تعزيز الارتباط العاطفي بين الأم والرضيع لا يتطلب الكمال، بل يتطلب الحضور، الإنصات، والرغبة في الفهم. في كل مرة تستجيب فيها الأم لاحتياجات صغيرها، وتُشعره بأنها تفهمه وتحبه، فإنها تزرع فيه بذور الثقة والحب. تلك البذور التي تنمو لتكوّن إنسانًا أكثر توازنًا، وتقبلاً، وقدرة على الحب.