في كلّ مرحلة من عمر الطفل، تتشكّل ملامح جديدة لعالمه العاطفي والاجتماعي؛ من انفعالات الطفولة الأولى التي تنفجر لأسباب بسيطة، إلى لحظات النضج التدريجي حين يبدأ الطفل بفهم مشاعره والتفاعل مع الآخرين بطريقة أعمق. هذا النمو لا يسير في خطّ مستقيم، بل يتقلّب بين خطوات واسعة وأخرى متعثّرة، تتخللها دهشة الاكتشاف وصراعات التعبير.
في هذا الدليل المتكامل، نسلّط الضوء على أبرز المحطات العاطفية والاجتماعية التي يمرّ بها الأطفال بين عمر السنتين وحتى ست سنوات، بأسلوب واقعي لا يحمّل الأطفال ما لا يُناسب سنّهم، ولا يضع الآباء تحت ضغط المقارنات المثالية.
بل نوفّر نظرة دقيقة ومطمئنة تساعد الأهل على دعم نمو أطفالهم بفهم وتعاطف، لا بتوقعات غير واقعية أو أحكام مسبقة.
يمثّل النمو العاطفي والاجتماعي حجر الأساس في بناء شخصية الطفل واستقلاليته وقدرته على التعامل مع الآخرين. يبدأ هذا النمو في وقت مبكر جدًا، ويتطور تدريجيًا ليشمل التعرّف إلى المشاعر، التعبير عنها، التحكم بها، وتكوين علاقات قائمة على التفاهم والتعاطف.
ومع أن تقسيم المهارات حسب العمر قد يحمل بعض التحفظات الثقافية والتربوية، فإنه يُعدّ مرشدا تقريبيا يساعد الأهل والمربين على فهم ما يمكن توقعه خلال المراحل المختلفة.
في هذه المرحلة، يبدأ الطفل بالتعرف إلى مشاعره لكنه لا يعرف بعد كيف يتعامل معها. يظهر الغضب والحزن والانزعاج بشكل مفاجئ وعنيف أحيانًا، كرد فعل على مواقف بسيطة مثل اختيار كوب بلون مختلف.
ملامح النمو المتوقعة:
مع بلوغ الطفل ثلاث سنوات، يبدأ بإظهار اهتمام أكبر بمشاعر من حوله، ويعبّر عن ذلك أحيانًا بعفوية مثل تقديم عناق أو سؤال: "هل أنت بخير؟". كما يصبح أكثر وعيًا بأن الأشخاص الآخرين قد يشعرون بمشاعر مختلفة عن مشاعره الخاصة.
ملامح النمو المتوقعة:
يصبح الطفل أكثر قدرة على التمييز بين المشاعر المختلفة والتعبير عنها بأوصاف دقيقة مثل "محبط" أو "متحمّس". يساعده ذلك في فهم احتياجاته الشخصية بشكل أوضح.
ملامح النمو المتوقعة:
يصل الطفل في هذه المرحلة إلى فهم أعمق للعلاقات الاجتماعية، ويبدأ بإظهار التعاطف سلوكياً، مثل مواساة صديق متألم أو مشاركة لعبة مع طفل يشعر بالعزلة. كما يتعرّف إلى تعقيد المشاعر، ويُدرك إمكانية الشعور بشيئين في آنٍ واحد، كأن يكون متحمّسًا ومتوترًا في الوقت نفسه.
ملامح النمو المتوقعة:
لكل طفل وتيرته الخاصة في النمو، لكن بعض المؤشرات قد تستدعي استشارة اختصاصي:
النمو العاطفي ليس خطًا مستقيمًا، بل رحلة مليئة بالتفاوتات والاختلافات الفردية. الطفل قد يتقدّم في مجال ويتأخر في آخر، وهذا لا يدعو للقلق. الأهم من ذلك هو توفير بيئة آمنة، قائمة على الحب والاحترام والوعي باحتياجات الطفل الفريدة. فالمهارة الأهم التي يمكن أن نمنحها للطفل ليست أن "يتفادى" المشاعر السلبية، بل أن يتعامل معها بوعي ومرونة وقدرة على التكيف.