في زحمة الجداول الدراسية، والواجبات اليومية، والدورات الإضافية، والأنشطة اللاصفية، قد يغيب عن انتباهنا أمر بالغ الأهمية: هل طفلي لا يزال طفلًا؟ أم أنه أصبح تلميذًا مثقلًا بمهام الكبار؟
كثير من الأهل يسعون لتوفير أفضل الفرص لأبنائهم، فيحشدون أيامهم بالدروس والبرامج التعليمية، ويظنون أن الإنجاز هو الطريق الوحيد للمستقبل الآمن، لكن ما لا نراه هو أن هذا السعي، ولو بنيّة طيبة، قد يكون مرهقًا أكثر مما نتصور.
الطفل لا يأتي ويقول: "أشعر بالإرهاق"، بل يعبر عنه غالبًا بسلوكات قد تبدو مزعجة أو غير مفهومة.
قد يصبح قليل التركيز، أو سريع الغضب، أو يرفض أداء واجباته، وقد يتذمر دون سبب واضح، أو يطلب التوقف عن نشاط كان يحبه من قبل، كلها رسائل مبطنة يرسلها الطفل حين لا يجد الكلمات لوصف شعوره.
يرتبط التعب التعليمي غالبًا بنظام حياة لا يمنح الطفل وقتًا كافيًا للعب الحر، أو الراحة، أو حتى الملل الطبيعي الذي يحتاجه العقل ليتنفس.
الطفل يحتاج إلى توازن: بين التعليم والاستكشاف، بين الجد واللهو، بين الواجبات والفراغ الإبداعي. وعندما يُحرم من هذا التوازن، يبدأ جسده ونفسيته بإطلاق إشارات الاستغاثة.
التعليم مهم، لا شك، لكن لا قيمة له إذا كان يأتي على حساب بهجة الطفولة ونضارة النفس.
دعينا نتذكر أن الطفل لا يحتاج أن يكون متفوقًا طوال الوقت، بقدر ما يحتاج أن يشعر بالأمان، والحب، والحرية ليكون على طبيعته.
فالسؤال الأهم ليس “ماذا تعلّم طفلي اليوم؟”، بل: “هل كان سعيدًا وهو يتعلّم؟”.