قد تستيقظين يوماً لتكتشفي بقعاً زرقاء أو أرجوانية أو بنية داكنة على ذراعك أو ساقك، من دون أن تتعرضي لأي إصابة واضحة. هذه الكدمات تُعرف طبياً باسم الكدمات العشوائية، وهي حالة شائعة تمر بها فئات عديدة من الأشخاص.
وفق دراسة منشورة في UpToDate شملت 500 شخصاً سليماً في الولايات المتحدة، أشار 18% منهم إلى أنهم يعانون من سهولة ظهور الكدمات على أجسامهم. اللافت أن النساء أكثر عرضة لهذه الظاهرة مقارنة بالرجال، ويرجع ذلك جزئياً إلى فروق في تركيب الجلد والأوعية الدموية.
من الناحية الطبية، تنتج الكدمات العشوائية عادة عن تمزق بسيط في الأوعية الدموية الدقيقة تحت الجلد، وهو أمر غير خطير في معظم الحالات. إلا أن تكرار الكدمات أو ظهورها من دون سبب واضح قد يكون مؤشراً على مشكلات صحية كامنة تستدعي الانتباه والفحص الطبي.
الكدمات، أو ما يعرف طبياً بـالرضوض (contusions)، تحدث عندما تتمزق الأوعية الدموية الصغيرة تحت الجلد نتيجة ضربة أو ضغط، ما يؤدي إلى تسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة وظهور تغير في لون الجلد. عادة تبدأ الكدمة بلون أحمر أو أرجواني، ثم تتحول تدريجياً إلى أزرق أو أخضر قبل أن تتلاشى.
وفي بعض الحالات، تظهر الكدمات عشوائيًا ومن دون إصابة واضحة، ما قد يدل على مشكلات تتعلق بآلية تخثر الدم، أو نقص بعض العناصر الغذائية المهمة.
بحسب الدكتور باريتوش باغيل من مستشفى SL Raheja في مومباي، نقص المغذيات التالية قد يؤدي إلى سهولة ظهور الكدمات:
فيتامين K: ضروري لعملية تخثر الدم. نقصه يؤدي إلى زيادة النزيف وسهولة ظهور الكدمات، وقد يترافق مع نزيف اللثة أو الأنف أو وجود دم في البول والبراز.
نقص الحديد وفقر الدم: الحديد عنصر أساسي لتكوين الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء. عندما يقل، يقل عدد الصفائح الدموية المسؤولة عن وقف النزيف، ما يرفع احتمال الكدمات.
وتشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن 40% من الأطفال دون سن الخامسة، و37% من النساء الحوامل، و30% من النساء بين 15 و49 عاماً يعانون من فقر الدم عالمياً.
فيتامين C: نقصه يضعف جدران الأوعية الدموية، ما يجعلها أكثر عرضة للتمزق وحدوث النزيف الداخلي الصغير الذي يظهر في شكل كدمات.
ليست كل الكدمات بسيطة وعابرة. ففي بعض الحالات، قد تكون الكدمات العشوائية علامة على وجود مشكلات صحية تحتاج إلى الانتباه، مثل:
وتجدر الإشارة إلى أن الكدمات الكبيرة أو المتكررة، خصوصاً إذا رافقها ألم أو تورم في المفاصل، تستدعي تقييماً طبياً عاجلاً لتحديد السبب ومعالجته قبل تفاقم الحالة.
مع التقدم في السن، تصبح البشرة أرق وتفقد طبقتها الدهنية الواقية، ما يجعل الأوعية الدموية أكثر هشاشة وعرضة للتمزق حتى عند التعرض لضغط خفيف.
كما أن بعض الأدوية، مثل مضادات التخثر (الوارفارين) أو مضادات الصفائح الدموية (الأسبرين)، تزيد من احتمالية تكوّن الكدمات، حتى بعد إصابات طفيفة.
الوقاية تبدأ أولاً بمعرفة السبب. فإذا كان الدواء هو العامل المسبب، قد يعدّل الطبيب الجرعة أو يوقف العلاج.
أما إذا كان السبب نقص الفيتامينات، فإن اتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضراوات والفواكه الطازجة يعد ضرورياً للحفاظ على قوة الأوعية الدموية وصحة الجلد.
كما تساعد الفحوص الدورية على اكتشاف أي اضطرابات مبكراً، ما يقلل من خطر المضاعفات ويضمن رعاية صحية أفضل.
رغم أن الكدمات العشوائية غالباً ليست خطيرة ولا تنتج عن إصابة مباشرة، فإنها قد تكون رسالة من الجسم عن مشكلة أعمق، مثل اضطراب في التخثر أو نقص غذائي. لذا، تكرار الكدمات أو ظهورها بشكل واضح يستدعي مراجعة الطبيب فوراً وعدم تجاهلها للحفاظ على صحتك العامة.