في عالم تملؤه الأضواء، وتراقب فيه الكاميرات كل خطوة، تصبح العلاقات الزوجية لدى المشاهير أكثر هشاشة مما تبدو عليه في الصور المثالية.
فهل الشهرة تضيف عبئًا على كاهل الأزواج؟ وهل تؤدي إلى تآكل الروابط العاطفية؟ ولماذا يبدو الطلاق شائعًا في حياة النجوم أكثر من غيرهم؟
للإجابة على هذه الأسئلة، حاورنا الأخصائية النفسية لانا قصقص، التي تحدثت بصراحة ووضوح عن التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأزواج المشهورين، وعن تأثير ضغط الجمهور وغياب الخصوصية، وصولًا إلى طبيعة الطلاق في حياة المشاهير.
الإجابة على هذا السؤال قد تكون نسبية حسب رأي لانا قصقص، فالشهرة غالبًا ما تكون عاملًا ضاغطًا على العلاقات الزوجية، وتزيد من احتمالات الانفصال، خاصة حين تصبح العلاقة خاضعة للتدقيق العام والتوقعات المثالية من الجمهور.
توضح قصقص أن المشاهير يعيشون تحت ضغط دائم لأداء الصورة المثالية عن أنفسهم وعن علاقتهم. هذا يعني أنهم لا يملكون الحرية ليكونوا ضعفاء أو غاضبين كما يحدث في العلاقات العادية. وتضيف:
في حال كانت الشهرة مشتركة بين الطرفين، يصبح الأمر أكثر تعقيدًا بسبب التنافس على الأضواء. هذا ينعكس على الهوية الفردية، فتعلو نزعة التمحور حول الذات، ويصعب على كل طرف التخلي عن نفسه من أجل العلاقة. تتحول العلاقة حينها إلى مشروع عام يديره الجمهور، بدل أن تكون شراكة خاصة لها خصوصيتها.
تقول الأخصائية: كل تصرف يصدر عن المشاهير يكون عرضة للتفسير والتدخل من الجمهور، الذي يمنح نفسه أحقية إبداء الرأي. ومع الوقت، لا يعود هناك طرفان فقط في العلاقة، بل آلاف الأشخاص يتدخلون ويؤثرون. هذا يزيد التوتر بين الزوجين ويضخم الخلافات، بدلاً من حلها بهدوء كما في العلاقات الخاصة. العلاقة الزوجية للمشاهير قد تصبح (ترند) إعلاميًا، ما يشكل ضغطًا كبيرًا يهدد تماسكها.
تجيب قصقص بحسم: نعم، مئة بالمئة. لا توجد مساحة آمنة لمناقشة الأمور بين الطرفين. يشعران بالضعف ولا يتمتعان بحرية الخلاف الشخصي. تُضخّم المشاكل وتُفتقد فترات الصمت اللازمة لمراجعة الذات. ونظرًا للحاجة المستمرة لإنتاج المحتوى، تُكبت المشاكل ويُسرع في المصالحة لأجل الاستمرار في الظهور، حتى لو كان ذلك على حساب العلاقة نفسها.
تشير قصقص إلى أن حياة المشاهير مليئة بالسفر والالتزامات والمقابلات والعمل المستمر مع أشخاص مختلفين، ما يجعل الروتين شبه غائب، واللحظات الشخصية نادرة. وتضيف:
في النهاية، تصبح العلاقة محكومة بالمحتوى الذي يُنشر، وليس بالاختيارات الشخصية. ويبدأ تعبير الحب الحقيقي في التراجع لحساب حب الجمهور وتفاعل المتابعين.
توضح قصقص أن الطلاق بين المشاهير لا يعني بالضرورة فشل العلاقة:
هناك نماذج كثيرة لمشاهير يعيشون حياة زوجية مستقرة لأنهم قرروا سحب علاقتهم من تحت الأضواء. العلاقات تحتاج إلى مجهود لحمايتها من التأثيرات الخارجية.
الأهم أن يخرج الطرفان من وهم العلاقة المثالية، ويتقبلان بعضهما بأخطائهما. فأحيانًا، يكون الطلاق هو الخيار الأفضل للطرفين، سواء كانا مشهورين أم لا، خاصة إذا كان الزواج مبنيًا على وهم أو مصلحة.
الشهرة قد تبدو حلمًا للكثيرين، لكنها لا تأتي من دون ثمن، خصوصًا في العلاقات العاطفية. فحين تصبح العلاقة مشروعًا عامًا، يفقد الحب معناه الأساسي كمساحة خاصة وآمنة للنمو والاحتواء. وكما أوضحت الأخصائية لانا قصقص، فإن الحفاظ على زواج ناجح وسط عالم الشهرة يتطلب وعيًا عاليًا، وقرارات شجاعة، وأحيانًا، الانسحاب من الأضواء من أجل الحفاظ على جوهر العلاقة.