تمرّ جميع العلاقات بمراحل متمايزة، تبدأ بفترة "شهر العسل" المليئة بالشغف، ثم تنتقل تدريجيا إلى حب هادئ طويل الأمد. وقد درس علماء النفس هذه المراحل بعمق، ليتبيّن أنها ليست مجرد محطات رومانسية، بل ترتكز إلى أنماط بيولوجية وعاطفية ونفسية دقيقة.
تكمن أهمية هذه المراحل في أنها تكشف عن مدى قدرة الشريكين على التواصل، ومدى تناغمهما على المدى البعيد.
فالعلاقات لا تنهار عادةً بسبب غياب الحب، بل لأن الطرفين لم ينموا معا بالوتيرة نفسها؛ ما يؤدي إلى فجوة يصعب تجاوزها لاحقا.
دعينا نحلّل المراحل العشر الأساسية في العلاقات وكيفية النجاح فيها معاً. فالمفتاح هو في فهم ما يجب تعلّمه من كل مرحلة.
بيولوجياً، تقود هذه المرحلة بعض المواد الكيميائية مثل الدوبامين والأدرينالين؛ ما يجعل الدماغ في حالة من نشوة؛ إذ تميلين إلى المثالية بدلاً من رؤية الواقع. إن هذه المرحلة مهمة لأنها تخلق الرابط الأولي بينك و بين شريكك، لكنها لا تدوم إلى الأبد.
الآن، وبعد أن خفّت سحابة الهرمونات، تبدئين في رؤية الطرف الآخر بوضوح أكبر. يبدأ في هذه المرحلة التقارب العاطفي، حيث تدور الحوارات الحقيقية، و تتشاركان نقاط ضعفكما.
إذا كنتما متناغمين عاطفياً وقادرين على النقاش دون الانهيار، ستصبح هذه المرحلة أساساً للتوافق طويل الأمد.
هنا تبدأ ملامح الواقع بالظهور، بما في ذلك عادات ومزاج الشريك. وقد تندلع الخلافات العاطفية حيث تتساءلين عما إذا كنتما مناسبين لبعضكما. كما أن الخوف من انكشاف ضعفكما قد يؤدي إلى صراعات على السيطرة.
إن الذين ينجون من هذه المرحلة هم أولئك القادرون على إدارة خلافاتهم باحترام والتأمل في أسبابها ثم إصلاحها.
تبدأ هنا مرحلة الإدراك البطيء، حيث تُكوّنين آراءك الثابتة عن شريكك، وقد تتصادم بعض توقعاتك غير المعلنة مع الحقيقة.
وبدلاً من محاولة تغيير الشريك، يستخدم الأزواج الذين يتمتعون بعلاقة صحّية هذه المرحلة للتفاهم والقبول الجذري للآخر.
وهي مرحلة الديناميكيات القوية، حيث يحاول كل طرف بشكل غير مباشر تغيير سلوك الآخر. وفيما لا أحد يحب الاعتراف بأنه يحاول"تشكيل" شريكه، إلّا أن هذه مرحلة طبيعية. إنها عبارة عن تفاوض بين هويتين تحاولان التعايش.
قد تكون هذه المرحلة مدمّرة إذا ما أصبحت تحكمية أو موحِّدة جدا إذا ما كانت تعاونية. هنا تتعلّمان كيف تضعان الحدود وتتعاونان دون الاعتماد المفرط على بعضكما.
إذا وصلتما إلى هنا، فالأرجح أنكما في علاقة قوية، تثقان ببعضكما وتشعران بأنكما شريكان حقيقيان.
وهنا غالباً ما تبدأ خطط المستقبل؛ إذ تكونان قد بنيتما طقوساً للترابط.
ستشعرين باستقرار العلاقة حتى إن لم تكن مثيرة دائماً، وهذا ليس أمراً سيئاً؛ إذ هكذا يبدو الاستقرار العاطفي.
لكن المشكلة أن الراحة قد تتحول إلى روتين، ولا يعني هذا أن الحب قد تلاشى، بل أنه يحتاج إلى تغذية.
تمر كل علاقة بلحظة قد تتساءلين فيها أهذا ما تريدين، وليس هذا أزمة بالضرورة، بل إعادة تنظيم و تأطير. قد تبدئين بتقييم ما إذا كان شريكك ينمو معك، وما إذا كانت الحياة التي تبنيانها معاً لا تزال تثير إعجابك.
تأكدي أن الذين يتعاملون مع هذه المرحلة بصراحة ومن دون ملامة، غالبا ما يخرجون منها أكثر ترابطاً.
نتحدث هنا عن الشغف والتقارب العاطفي الذي يأتي بعد الروتين والضغوط. فإن الاختلاف في الرغبات، أو المشاعر السلبية المتراكمة، أوضغوط الحياة قد تسبب بعداً في العلاقة الخاصة بينكما.
إلّا أن الجانب المشرق هو أن هذه المرحلة ليست نهاية، بل دعوة للنمو معاً من جديد، وتجاهلها يؤدي إلى تباعد تدريجي.
تسود هذه المرحلة الثقة العميقة والألفة، فقد رأيتما أسوأ وأفضل ما في بعضكما، وما زلتما تختاران البقاء معاً.
غالبا ما تُفهم هذه المرحلة على أنها "مملة"، لكنها في الحقيقة تعكس الاطمئنان العاطفي والأمان.
والخطر هنا ليس في الانفصال، بل في الإهمال. إن الأزواج الذين ينجحون في هذه المرحلة هم الذين يستثمرون باستمرار في بعضهم البعض.
وهنا لا يقتصر الأمر على الزواج فقط. فالالتزام في هذه المرحلة، يعني أن يكون كلّ منكما حاضراً من أجل هذه العلاقة، ليس لأنها مثالية، بل لأنها تخصّكما.
هنا تبدأ رحلة بناء الإرث المشترك: الأحلام، الالتزامات، الأطفال. فأنتما لا تحبّان بعضكما فقط، بل تفهمان بعضكما.
إن الذين يصلون إلى هذه المرحلة يدركون أن الالتزام ليس خط النهاية، بل البداية في خيارهم لمستقبل واعٍ معاً.
في الحقيقة لا يوجد جدول زمني ثابت للحب؛ إذ يمر بعض الأزواج بالمراحل الأولى التي ذكرناها خلال أشهر، فيما يعود آخرون إلى المرحلة نفسها مراراً وتكراراً، خاصة خلال تحوّلات الحياة الكبرى. إن ما يهم أكثر من التوقيت هو كيف تجتازان المطبّات العاطفية في كل مرحلة.