في عالم يغمرنا فيه الإيقاع السريع والمقارنات الدائمة، قد يصبح من السهل أن ننسى قيمتنا الذاتية، ونربط شعورنا بالأهمية بما نحققه أو نملكه أو نحصل عليه من تقدير خارجي.
غير أن الشعور الحقيقي بالقيمة يجب ألّا ينبع من الأداء أو الإنجاز، بل من الإيمان العميق بأن وجودنا وحده كافٍ، وأننا نستحق الحب والاحترام كما نحن، لا كما ينبغي أن نكون.
من هذا المنطلق، كتبت الدكتورة لورا غابايان، الطبيبة والباحثة ومؤلفة كتاب "الحكمة الشائعة: 8 عناصر علمية لحياة ذات معنى"، مقالاً نُشر على موقع Psychology Today، تسلط فيه الضوء على أهمية تذكير النفس يومياً بقيمتها الفطرية، بعيداً عن ضغوط إثبات الذات أو السعي المستمر لنيل القبول.
في سبيل الوصول إلى شعور القيمة الذاتية، اقترحت لورا ثلاث عبارات إيجابية بسيطة وفعّالة، يمكن أن تُحدث فرقاً عميقاً حين يتم تكرارها وتبنيها في الحياة اليومية:
تماماً كما يستحق الطفل الرضيع الحب والاهتمام لمجرد وجوده، أنت أيضاً تستحق الاحترام والرعاية من دون أن تضطر إلى إثبات شيء.
المجتمع كثيراً ما يربط بين القيمة والإنتاجية، لكن الحقيقة أن الاعتراف بأهميتك من دون قيد أو شرط، هو مفتاح لحياة أكثر امتلاءً ومعنى.
لذلك، خصص لحظات يومية لترديد هذه العبارة لنفسك، واجعلها جزءاً من روتينك العقلي والنفسي.
في زمن يطالبنا بالثبات والانضباط العاطفي، تتراجع قدرتنا على التعبير بحرية. ولكن، كما توضّح الكاتبة، فإن المشاعر المتنوعة حتى المختلطة منها هي دليل على العمق الإنساني والقدرة على فهم التعقيد.
الشعور بالحزن والامتنان في آنٍ واحد لا يدل على تناقض، بل على وعي حقيقي. تعلم أن تنظر إلى مشاعرك كقوة تُعبّر عن اهتمامك وارتباطك بما يحيط بك، وليس كعبء يجب التخلص منه.
غالباً ما نتجنب إبراز اختلافاتنا خوفاً من ألا نُفهم أو نُقبَل، لكن ما يجعل كل فرد مميزاً هو تحديداً بصمته الخاصة في هذه الحياة.
نحن لسنا نسخاً متكررة، بل طاقات متفردة تحمل رؤى وتجارب لا يمكن تكرارها.
لذلك، بدلاً من مطاردة "الصورة المثالية" أو "النموذج المقبول"، تذكر أنك بصورتك الحالية تحمل قيمة لا تُقاس بمعايير الآخرين.
في ختام مقالها، تؤكد لورا غابايان أن ترديد هذه العبارات بشكل يومي لا يصنع تغييراً فورياً، بل هو ممارسة مستمرة تُعيد برمجة الذات على الاحترام والتقدير. الأهم من ذلك أن نمنح أنفسنا الوقت والرحمة، فالنمو النفسي لا يحدث تحت الضغط، بل في ظل اللين والوعي.