header-banner
تطوير الذات

متلازمة المرأة المستقلة.. عبء لا يُرى

تطوير الذات
إيمان بونقطة
26 يونيو 2025,9:00 ص

في زمن التحولات الاجتماعية العميقة، برز نموذج "المرأة المستقلة" كصورة مثالية للنجاح والاعتماد على الذات.

امرأة تعتمد على نفسها، تصنع قراراتها، وتدير حياتها بمفردها بثقة واستقلالية.

لكنها خلف هذه الصورة اللامعة، قد تخفي مشاعر معقدة من الوحدة، والضغط النفسي، ورفض تلقّي المساعدة.

هذه الحالة التي بدأت تُعرف بـ"متلازمة المرأة المستقلة" ليست مرضًا نفسيًا، بل نمطًا سلوكيًا وشعوريًا يتشكل بفعل تجارب متراكمة، وظروف اجتماعية وثقافية، وتوقعات متزايدة من الذات.

ما هي متلازمة المرأة المستقلة؟

54eb06eb-a1e7-455e-b977-2390eac9d03b

تشير "متلازمة المرأة المستقلة" إلى ميل بعض النساء إلى المبالغة في إثبات استقلاليتهن، إلى درجة تجعلهن يرفضن طلب الدعم أو المساندة حتى في اللحظات التي يحتجن فيها ذلك بشدّة.

هي حالة نفسية تتميز بالحذر من الاعتماد على الآخرين، والرغبة العميقة في التحكم، والخوف غير المعلن من أن يُنظر إليها كامرأة "ضعيفة" إذا طلبت المساعدة أو عبّرت عن حاجاتها العاطفية.

كيف تتكوّن هذه المتلازمة؟

غالبًا ما تتكوّن هذه المتلازمة كردّ فعل لتجارب سابقة، مثل:

  • الخذلان المبكر: من الأهل، الشريك، أو المقربين.
  • الضغوط المجتمعية: التي تُشجع النساء على "إثبات قوتهن" وعدم إظهار الاحتياج.
  • النماذج النسائية القوية: التي يُحتفى بها في الإعلام وتُقدّم على أنهن لا يحتجنَ إلى أحد.
  • التجارب المهنية: التي تُكافئ الاستقلالية وتُعاقب التردد أو التماس الدعم.

أخبار ذات صلة

المقارنة بين الأم العاملة والأم ربة البيت.. إلى متى؟

الأبعاد النفسية والاجتماعية للمتلازمة

  • نفسيًا: تعاني الكثير من النساء من الإرهاق العاطفي، القلق المزمن، والتوتر المستمر الناتج عن التوقعات العالية التي يضعنها لأنفسهن.
  • اجتماعيًا: قد يؤدي هذا النمط إلى ضعف العلاقات الحميمة، صعوبة في بناء شراكات متوازنة، والشعور بالعزلة رغم الإنجاز.
  • عاطفيًا: هناك صعوبة في استقبال الحب أو الرعاية، والخوف من أن يؤدي القرب العاطفي إلى فقدان السيطرة أو كشف الهشاشة.

الفرق بين الاستقلالية الصحية والمتطرفة

الاستقلالية في حدّها الطبيعي هي قدرة المرأة على اتخاذ قراراتها، والاعتماد على ذاتها من دون التخلي عن حقها في العلاقات، أو إنكار حاجاتها الإنسانية.

أما الاستقلالية المتطرفة فهي التي تجعلها ترفض الدعم حتى عندما يكون متاحًا، وتشكّ في نوايا من يحاول الاقتراب، وتُشعرها بالذنب حين تحتاج إلى الراحة.

كيف يمكن التخفيف من آثار المتلازمة؟

  • الوعي الذاتي: أول خطوة تكمن في إدراك هذه النمطية وتسمية المشاعر التي ترافقها.
  • إعادة تعريف القوة: القوة لا تعني العزلة، بل القدرة على الاعتراف بالحاجة، وطلب المساندة عندما نحتاجها.
  • العلاقات الآمنة: بناء شبكة دعم عاطفية قائمة على الثقة والقبول.
  • التوازن بين العطاء والتلقّي: تعلّم التلقّي كما نتقن العطاء.


متلازمة المرأة المستقلة هي انعكاس لعصر يقدّس الإنجاز، لكن الاستقلال الحقيقي لا يعني أن تسيري وحدك طوال الطريق. بل هو أن تعرفي متى تمشين بقوة، ومتى تتكئين بثقة، دون خوف أو خجل. القوة ليست في رفض الضعف، بل في احتوائه دون أن يهدد قيمتك.

أخبار ذات صلة

لوم الذات يمنعك من تحقيق السعادة

 

footer-banner
foochia-logo