في زمن التحولات الاجتماعية العميقة، برز نموذج "المرأة المستقلة" كصورة مثالية للنجاح والاعتماد على الذات.
امرأة تعتمد على نفسها، تصنع قراراتها، وتدير حياتها بمفردها بثقة واستقلالية.
لكنها خلف هذه الصورة اللامعة، قد تخفي مشاعر معقدة من الوحدة، والضغط النفسي، ورفض تلقّي المساعدة.
هذه الحالة التي بدأت تُعرف بـ"متلازمة المرأة المستقلة" ليست مرضًا نفسيًا، بل نمطًا سلوكيًا وشعوريًا يتشكل بفعل تجارب متراكمة، وظروف اجتماعية وثقافية، وتوقعات متزايدة من الذات.
تشير "متلازمة المرأة المستقلة" إلى ميل بعض النساء إلى المبالغة في إثبات استقلاليتهن، إلى درجة تجعلهن يرفضن طلب الدعم أو المساندة حتى في اللحظات التي يحتجن فيها ذلك بشدّة.
هي حالة نفسية تتميز بالحذر من الاعتماد على الآخرين، والرغبة العميقة في التحكم، والخوف غير المعلن من أن يُنظر إليها كامرأة "ضعيفة" إذا طلبت المساعدة أو عبّرت عن حاجاتها العاطفية.
غالبًا ما تتكوّن هذه المتلازمة كردّ فعل لتجارب سابقة، مثل:
الاستقلالية في حدّها الطبيعي هي قدرة المرأة على اتخاذ قراراتها، والاعتماد على ذاتها من دون التخلي عن حقها في العلاقات، أو إنكار حاجاتها الإنسانية.
أما الاستقلالية المتطرفة فهي التي تجعلها ترفض الدعم حتى عندما يكون متاحًا، وتشكّ في نوايا من يحاول الاقتراب، وتُشعرها بالذنب حين تحتاج إلى الراحة.
متلازمة المرأة المستقلة هي انعكاس لعصر يقدّس الإنجاز، لكن الاستقلال الحقيقي لا يعني أن تسيري وحدك طوال الطريق. بل هو أن تعرفي متى تمشين بقوة، ومتى تتكئين بثقة، دون خوف أو خجل. القوة ليست في رفض الضعف، بل في احتوائه دون أن يهدد قيمتك.