في السنوات الأولى من عمر الطفل، يتشكّل لديه تصور داخلي عن نفسه والعالم من حوله، تُبنى عليه رؤيته لنفسه، وتُرسم به حدود ما يستحقه وما يخاف منه، وما يتوقعه من الآخرين.
في هذه المرحلة الحساسة، يمكن أن تتشكل لدى الطفل بعض المعتقدات النفسية أو الروايات الداخلية تؤثر على ثقته بنفسه وسلوكياته لاحقًا، بعضها صحي وداعم، وبعضها الآخر قد يكون مؤذيًا على المدى الطويل.
إليك أبرز 7 سرديات غير صحية يطوّرها الأطفال في سنواتهم الأولى، وكيف تنشأ، ولماذا يجب على الوالدين الانتباه لها مبكرًا:
غالبًا ما يتبنّى الطفل هذا الاعتقاد نتيجة لمرحلة "التمركز حول الذات" التي يمر بها طبيعيًّا في طفولته المبكرة. إذا انفصل والديه، أو بدا أحدهما غائبًا أو منشغلًا، فقد يعتقد الطفل أنه السبب.
كما أن حاجته لرؤية والديه كأشخاص مثاليين تجعله يُلقي اللوم على نفسه كي لا تهتز صورتهما في عينيه.
ينشأ هذا الاعتقاد المؤلم من تجارب متكررة من التوبيخ المهين أو العبارات المحمّلة بالعار، مثل: ما بك؟ لماذا أنت دائم البكاء؟ بدلًا من توجيه السلوك فقط.
شعور الطفل بالخزي يجعله يرى نفسه كإنسان سيئ، ليس فقط بأنه ارتكب خطأ.
تتكوّن هذه الفكرة عندما يشعر الطفل بالرفض العاطفي المتكرر، سواء بسبب انشغال أحد الوالدين أو غيابه، أو نتيجة تجارب سلبية مع أقرانه.
قد تكون الظروف خارجة عن إرادة الأهل، لكن ما يهم هو التجربة الشعورية للطفل نفسه.
إذا كان أحد الوالدين يعبّر عن غضبه بصراخ أو سلوكيات مؤذية، سيتكوّن لدى الطفل اعتقاد أن الغضب مرادف للانفجار والفقدان والتهديد.
حينها يبدأ في كبت غضبه أو الخوف منه، ويعتقد أن التعبير عن المشاعر القوية مرفوض ومهدّد للعلاقات.
الأطفال لا يولدون قادرين على تنظيم مشاعرهم؛ هم بحاجة إلى بالغ يحتويهم ويهدئهم في لحظات الانفعال.
لكن إذا شعر الطفل أن مشاعره "كثيرة" أو "تزعج" الكبار، سيبدأ بتجاهلها أو قمعها، ما قد يؤدي لاحقًا إلى انفجارات عاطفية غير مفهومة.
ينشأ هذا الاعتقاد عندما لا يجد الطفل استجابة دائمة أو كافية لاحتياجاته العاطفية أو الجسدية. قد يكون السبب وجود أخ أو أخت بحاجة خاصة، أو انشغال مزمن من الأهل، لكن الرسالة التي تصل للطفل: "أنت لست أولوية".
لأن الطفولة مرتبطة بالشعور بالضعف وقلة الحيلة؛ قد يلجأ بعض الأطفال إلى تطوير حاجات مبالغة في السيطرة والقوة كرد فعل.
فيتبنّون أفكاراً مثل: يجب أن أكون قويًّا دائمًا، والضعف عيب، ولا أثق بأحد.
هذه القصص لا تتشكّل من حدث واحد، بل من تكرار الشعور ذاته، حتى لو بأساليب مختلفة.
حين نمنح الطفل الأمان، والإصغاء الحقيقي، ونفصل بين خطئه وهويته، ونمنحه كلمات تصف مشاعره بدون حكم عليها، نكون قد وضعنا حجر الأساس لاعتقاد صحي يقول:
أنا محبوب كما أنا
مشاعري مهمة ويمكنني التعبير عنها
أنا لست وحدي
حتى لو أخطأت، أنا لست شخصًا سيئًا.
وهذا ما يصنع الفرق في طفولة آمنة، تُبنى عليها شخصية متوازنة مدى الحياة.