الثقة بين الأم وطفلها ليست مجرد كلمة، بل هي أساس متين يُبنى عليه كل ما سيأتي لاحقًا من حب، واحترام، وتواصل صحي.
حين يشعر الطفل أن والديه هما الدائرة الأكثر أمانًا، يكبر وهو قادر على مواجهة الحياة بجرأة، بعيدًا عن الخوف والارتباك، لكن هذه الثقة لا تُمنح بشكل تلقائي، بل تحتاج إلى وعي، وممارسات يومية، وصبر طويل.
إليك بعض الخطوات لبناء علاقة أساسها الثقة المتبادلة مع طفلك:
الطفل لا يحتاج فقط من يسمع ما يقوله، بل من يفهم ما يشعر به، عندما يصغي الوالد لطفله من دون مقاطعة أو تقليل من شأن مشاعره، فإن ذلك يمنحه إحساسًا بالاعتراف والاحترام، قد تكون مشكلات الطفل صغيرة من وجهة نظر الكبار، لكنها عالم كامل بالنسبة له.
الأطفال يملكون قدرة عالية على ملاحظة التناقض، الوعد الذي لا يُنفّذ، أو الكذبة الصغيرة بحجة "المصلحة"، تترك أثرًا عميقًا وتُضعف الثقة تدريجيًا.
لذلك، من المهم أن يكون الوالد صادقًا حتى في التفاصيل البسيطة، وأن يعترف بالخطأ عند وقوعه، فهذا يعزز لدى الطفل قيمة الصدق والشفافية.
كثير من الأهل يظنون أن الاحترام اتجاه واحد، من الطفل إلى الكبير، لكن الحقيقة أن احترام مشاعر الطفل ورغباته هو ما يجعله بدوره يحترم الآخرين، لا يعني ذلك تلبية كل الطلبات، بل التعامل بلطف وشرح القرارات، بعيدًا عن التوبيخ أو السخرية.
الثقة تُبنى حين يشعر الطفل أن والديه يؤمنان بقدراته، السماح له بخوض تجارب بسيطة، مثل اختيار ملابسه أو المشاركة في اتخاذ قرار عائلي صغير، يفتح أمامه مجالًا لتعلم المسؤولية، ويمنحه شعورًا بالقيمة.
التقلب بين التشدد والتساهل يُربك الطفل ويزعزع ثقته، القواعد الواضحة والمستمرة تُشعره بالاستقرار، وتجعله واثقًا من أن بيئته يمكن التنبؤ بها.
الأطفال يخطئون، ويبكون، ويغضبون، وهنا تُختبر الثقة: هل سيجدون والديهم حضنًا آمنًا أم حكمًا قاسيًا؟ حين يلمس الطفل أن حب والديه غير مشروط حتى في أوقات الخطأ، تترسخ داخله ثقة لا تهزها العواصف.
بناء علاقة ثقة مع الطفل هو استثمار طويل الأمد، لا تظهر ثماره في يوم وليلة، لكنه يشكل الدرع الذي يحميه عند مواجهة تحديات الحياة، ويضمن أن تبقى العلاقة بينه وبين والديه قائمة على الاحترام والدفء، لا على الخوف أو الفجوة.