في لحظات الغضب التي يمر بها الأطفال، قد يبدو الموقف وكأنه انفعال عابر أو رد فعل مبالغ فيه، لكن خلف هذه الانفجارات العاطفية غالباً ما تكمن مشاعر أعمق، مثل الإحباط أو الإحساس بالفشل أو حتى الخوف من تكرار الأخطاء.
والمفارقة أن هذه اللحظات، رغم صعوبتها، تحمل فرصة ذهبية لمساعدة الطفل على بناء مهارات التحكم العاطفي التي ستلازمه طيلة حياته.
التحكم في المشاعر ليس أمرًا فطريًا بالكامل، بل هو مهارة تُكتسب بالتوجيه والصبر والممارسة، الأطفال الذين يتمتعون بقدرة على ضبط انفعالاتهم يكونون أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط، وأكثر نجاحًا في التواصل مع الآخرين، وأقدر على تجاوز الأزمات بهدوء وثقة.
أما الذين يفتقرون إلى هذه المهارة، فقد يجدون أنفسهم أسرى ردود أفعالهم، وهو ما قد يؤثر على تحصيلهم الدراسي، وعلاقاتهم، وحتى تقديرهم لذواتهم.
في ما يلي، مجموعة من الاستراتيجيات العملية التي يمكنك اعتمادها لمساعدة طفلك على فهم مشاعره، والتعبير عنها بطريقة صحية، وتحويل المواقف المزعجة إلى فرص للتعلم والنمو:
الخطوة الأولى للسيطرة على أي انفعال هي أن يشعر الطفل بأن مشاعره مسموعة ومفهومة، أظهري له تعاطفك حتى في أصعب اللحظات، فهذا يخفف حدة الغضب ويمنع تفاقم الموقف.
ذكّري طفلك بأن ارتكاب الأخطاء أمر طبيعي، وأن القسوة على النفس بعد أي هفوة تزيد الأمر سوءًا، ساعديه على تحويل الإحباط إلى خطة عملية لتجنب تكرار الموقف.
اتفقا على مقياس بسيط يحدد درجة الانزعاج، مع وضع خطة مناسبة لكل مستوى، بدءًا من الهدوء التام وصولًا إلى الحاجة لمغادرة الموقف لتهدئة النفس.
ابتكرا معًا قصة قصيرة عن موقف مزعج، مع نهاية إيجابية توضح كيف يمكن التغلب على المشاعر السلبية بأسلوب صحي.
لاحظي أي محاولة من طفلك لضبط أعصابه، وامدحيه بصدق، فهذا يعزز سلوكه الإيجابي ويدفعه لتكراره.
قلة النوم تجعل السيطرة على الانفعالات أكثر صعوبة، احرصي على وضع روتين يومي منظم لنوم الطفل.
ناقشي مع طفلك أساليب التهدئة قبل حدوث المواقف المزعجة، مثل أخذ استراحة أو الاستماع للموسيقى أو ممارسة نشاط مفضل.
اصنعا معًا لوحة تتضمن المحفزات، وما يجب تجنبه، وما يمكن فعله عند الغضب، ليكون أمامه دليل بصري واضح.
ولا تنسي أن تشكريه وتمدحيه عندما يستخدم واحدة من هذه الاستراتيجيات.
أظهري لطفلك كيف تتعاملين أنت مع المواقف الضاغطة، فالتعليم بالمثال هو الأكثر تأثيرًا.
اختارا كتبًا تناقش التحكم العاطفي بأسلوب مبسط، وشاركيه قراءتها لمزيد من الفهم والتطبيق العملي.
من الأمثلة على هذه الكتب، “What to Do When Your Temper Flares”، و ”What to Do When You Worry Too Much“، وهما للكاتب ”دون هيوبنر“.
بهذه الخطوات، لا يكتسب طفلك القدرة على التحكم في مشاعره فحسب، بل يبني أيضًا أساسًا متينًا للثقة بالنفس، والمرونة، والقدرة على مواجهة التحديات بثبات.