header-banner
علاقات

3 خطوات نحو حبّ ناضج ومتين

علاقات
إيمان بونقطة
16 يونيو 2025,10:00 ص

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتبدّل فيه المعايير العاطفية، بات الحفاظ على علاقة عاطفية متوازنة ومستدامة من أبرز تحديات الحياة المعاصرة.

فالحب لا يزدهر في بيئة من الغموض أو التضحية المفرطة بالذات، بل في ظلّ حضور نفسي واضح، وتقدير عميق للاحتياجات الشخصية، واحترام متبادل بين الطرفين.

كيف نجعل الحب يزدهر؟

6188df7b-ece3-416b-bcdc-6e255f039576

هذا ما تسعى إليه مقاربة "إدارة الاحتياجات" في العلاقات، والتي تقوم على ثلاث خطوات أساسية تشكّل دعامة للحبّ المتبادل والنمو العاطفي:

الخطوة الأولى: التعرّف على احتياجاتنا الخاصة

تكمن الخطوة الأولى نحو بناء علاقة ناضجة في تحديد ما نحتاجه فعلاً من العلاقة. هذا لا يتعلّق بالمطالب السطحية، بل بالاحتياجات العاطفية العميقة، مثل الشعور بالأمان، والرغبة في القرب العاطفي، والاحترام المتبادل.

فحين نُدرك احتياجاتنا، نكوّن صورة واضحة عن أنفسنا، ونصبح أكثر قابلية للفهم والثقة والحبّ.

لكن الواقع يبيّن أن الإفصاح عن احتياجاتنا، لا سيما في العلاقات الحميمة، قد يكون أمرًا شاقًا.

أحيانًا نفضّل التنازل أو المجاملة لتجنّب الصدام، غير أن المبالغة في ذلك تؤدي بنا إلى التلاشي الذاتي داخل العلاقة. ومن هنا، يصبح التعبير عن احتياجاتنا ضرورة لصيانة الكيان الشخصي، وليس ترفًا عاطفيًا.

فكر مثلاً في شخص حاضر جسديًا لكنه غائب وجدانيًا، لا يعبّر عن احتياجاته ولا يشارك مشاعره... كيف يمكن أن نحبّه أو نثق به؟ بالمقابل، عندما يتصرّف الإنسان بشفافية وتعقّل، ويُفصح عن دواخله في اللحظة المناسبة، فإنه يعزّز فرص التواصل والاحترام في العلاقة.

أخبار ذات صلة

ما هي علامات العلاقة الصحية؟ 9 نقاط محورية

الخطوة الثانية: الاعتراف بشرعية احتياجاتنا

لكلّ إنسان احتياجات فطرية عميقة، تستحقّ الاعتراف والاحترام منذ الطفولة وحتى الكهولة. القبول بهذه الاحتياجات لا يعني الأنانية، بل هو أساس للرحمة الذاتية والاحترام الشخصي.

وقد أظهرت أبحاث متعدّدة أن الأفراد الذين يعترفون بمشاعرهم واحتياجاتهم من دون جلد للذات، هم أكثر قدرة على بناء علاقات عاطفية صحّية ومستقرّة.

في جلسات العلاج الزوجي، كثيرًا ما يكتشف الشريكان أن خلافاتهما المتكرّرة لا تنبع من "احتياجات خاطئة"، بل من طريقة تعبير غير فعّالة عن هذه الاحتياجات. حين يبدأ كل طرف بإدراك أن احتياجاته مشروعة وكذلك احتياجات شريكه تنخفض وتيرة التوتّر، وتفتح المساحة أمام تفاهم أكثر إنصافًا.

وهكذا، فإن منح الاحتياجات شرعية داخلية يساعد على تمثيلها خارجيًا بطريقة أكثر وعيًا، ويعزّز الإحساس بالقيمة الذاتية، ما ينعكس إيجابًا على جودة العلاقة.

الخطوة الثالثة: تمثيل احتياجاتنا بذكاء عاطفي

بعد أن نُحدّد احتياجاتنا ونعترف بشرعيتها، تأتي لحظة التعبير عنها داخل العلاقة بطريقة بنّاءة تحقّق التوازن بين احترام الذات واحترام الآخر. ويقترح علماء النفس ثلاث خطوات فرعية لهذا التمثيل الذكي:

موازنة احترام الذات والآخر

أي اختيار اللحظة المناسبة، وطرح الحاجة من دون فرض أو استجداء، مثل: "هل لديك دقيقة للحديث؟".

الإفصاح عن المشاعر المرتبطة بالحاجة

وهذا يتطلّب جرأة عاطفية، مثل قول: "أشعر بالوحدة مؤخرًا، وأفتقد قربك".

إعطاء الأولوية لإدارة الحاجة، وليس إشباعها الفوري

فالمقصود هنا هو إيصال الحاجة بشكل لا يضغط على الطرف الآخر أو يطالبه بردّ فعل مباشر.


العلاقات العاطفية الناجحة لا تنشأ من الصدفة أو الانجذاب اللحظي، بل من قدرة كل طرف على رؤية ذاته واحترامها، والقدرة على تمثيل احتياجاته بوضوح وهدوء. فعندما نُحسن إدارة احتياجاتنا، لا نكسب فقط تقدير الشريك، بل نُعزّز حبنا لأنفسنا أيضًا.

في النهاية، الحبّ الناضج هو نتاج وعي داخلي وصدق في التعبير واحترام متبادل. ومن يزرع هذه القيم في علاقاته، يحصد علاقات أعمق، وأكثر صدقًا ورضى.

أخبار ذات صلة

جرح الأم لدى الرجل.. حين تخدش العلاقة الأولى كل ما بعدها

 

footer-banner
foochia-logo