في حياتنا اليومية، بوسعنا أن نوجه طاقتنا إما للهروب مما نخشاه، كالفشل أو التعرض للأذى من شخص نحبه، أو أن نستخدم هذه الطاقة لنسعى نحو ما نريده فعلاً، كوظيفة رائعة أو علاقة محبة صادقة.
يُطلق على هذا المفهوم وصف "الهروب من الدب" في مقابل "الركض نحو ما تريد". إنه تحول ذهني يمكننا اكتسابه بالتدرب والوعي، وهو ما يجعلنا نتساءل: ما هي علامات العلاقة الصحية؟ التي نركض نحوها، لا نهرب منها.
9 علامات للعلاقة الصحية
في علم العلاقات، غالباً ما نركز على المشكلات والتحديات أي "الدببة".
تعد لائحة مؤسسة One Love التي تتضمن 9 علامات للعلاقة غير الصحية دليلاً مبسطاً ومتكاملاً لأبرز هذه الإنذارات.
وهي أدوات مهمة لنعرف متى ننسحب أو نطلب المساعدة.
لكن من المهم هو أن نعرف ما الذي يجدر بنا السعي نحوه في العلاقة.
فيما يلي 9 علامات خضراء لعلاقة تستحق أن نسعى إليها:
1- الثقة
الثقة هي حجر الأساس في أي علاقة حميمة، علينا أن نشعر بالأمان حين نكشف عن أنفسنا بالكامل، ونتحدث عن مخاوفنا العميقة أو ندمنا. يجب أن نثق بأن الطرف الآخر سيتعامل معنا بمحبة وحنان.
الثقة ليست مجرد شعور، بل يجب أن تدعمها الأفعال، علينا أن نلاحظ ونقدّر تلك اللحظات التي يثبت فيها الآخر أنه أهل للثقة من خلال ما يفعله (أو ما لا يفعله).
2- احترام الحدود
لكل منا ما يزعجه أو يثير قلقه، ولنا تفضيلات مختلفة فيما يتعلق بالوقت الذي نقضيه معاً أو بمفردنا.
الشريك الذي يُصغي عندما نضع حداً، ويُعدل سلوكه من دون تذمر أو مقاومة، يُظهر احتراماً حقيقياً لنا.
3- التواصل
من المهم أن نتمكن من خوض الأحاديث الصعبة مع الشريك من دون أن نفقد أعصابنا.
أو على الأقل، أن نستطيع تهدئة أنفسنا والعودة للحوار بنية طيبة.
من السهل التواصل في أيامنا الأفضل، لكن الشريك الذي يتمكن من خوض حوار حول مشاعر معقّدة أو مشكلات عميقة أو نقائص شخصية بانفتاح وتعاطف، هو علامة خضراء تستحق الانتباه.
4- تنظيم المشاعر
لا يمكننا دوماً التحكم في مشاعرنا، لكن بوسعنا أن نتعلم كيفية تنظيم ردود أفعالنا تجاهها.
من الطبيعي أن نشعر بالغضب، لكن من غير المقبول أن نفرغ هذا الغضب بإيذاء الآخرين.
الشريك الناضج يُظهر مهارات في التعامل مع التوتر والقلق، وقد يلجأ إلى الدعم النفسي عند الحاجة.
من يمتلك هذه الأدوات يُمكن أن يكون سنداً حقيقياً، حتى في الأوقات الصعبة.
5- الاستقلالية
العلاقات القوية تُفضي غالباً إلى اعتماد متبادل صحي، حيث يدعم كل طرف الآخر عاطفياً وعملياً.
لكن، لا بد من الحفاظ على بعض الاستقلالية.
الشريك الذي يستطيع تحقيق التوازن بين الحياة المشتركة ووقته الخاص، والذي يملك اهتمامات خارج العلاقة، وأصدقاء وعلاقات أخرى، يبني قاعدة متينة لعلاقة ناضجة ومستقرة.
6- تحمل المسؤولية
الشخص البالغ يتحمل مسؤولية أفعاله. وفي العلاقة، يعني ذلك الاعتراف بالخطأ والاعتذار عند الضرورة، وتحمل نصيبه من الخلافات والنزاعات من دون إنكار أو إسقاط للوم.
7- الضحك وحس الفكاهة
حين يُسأل الناس عن صفات الشريك المثالي، يظهر "حس الفكاهة" دوماً في الإجابات.
ليس المطلوب أن يكون شريكك مهرجاً، بل أن تكونا قادرين على الضحك معاً.
الضحك المشترك دواء فعال، لا سيما في تخفيف حدة المواقف المتوترة.
الشخص الذي يضحك معك لا عليك هو علامة خضراء مضيئة.
8- النمو
أفضل العلاقات تلك التي تُسهم في نمونا الشخصي. يسمي علماء النفس هذا "ظاهرة مايكل أنجلو"، حيث نشكل بعضنا بعضاً وننحت فينا أفضل النسخ من أنفسنا. اسأل نفسك هذه الأسئلة:
- هل تشعر بأنك أفضل نسخة من ذاتك عندما تكون مع هذا الشخص؟
- هل يوسع أفقك؟
- هل يساعدك على اكتساب مهارات جديدة ورؤى أعمق؟
النمو لا يعني أن يُعاملك الشريك كمدرب قاس، بل أن تكون العلاقة مصدر إلهام وتطوير حقيقي.
9- حسن الظن
في كل تفاعل مع شريكك، لديك خيار: أن تفترض الخير فيه أو أن تركز على أخطائه.
في العلاقات الصحية، يُرجح الطرفان حسن الظن، ويمنح كل منهما الآخر مساحة للخطأ.
حين نمر بيوم سيئ، نحتاج من يحبنا أن يتحلى بالصبر لا أن "يزيد الطين بلة".
لكن لا بد أن نُقيم الأمر بإنصاف، وألا نُفرط في حسن الظن على حساب كرامتنا إن كنا نتعرض لسوء المعاملة.
تذكر أن، العلاقات الناجحة تُبنى ولا تُكتشف صدفة. هذه القائمة ليست اختباراً يُفرض على الشريك، بل دعوة للتأمل في مدى توافر هذه العلامات، من القوي منها إلى الضعيف.
جميعنا قادر على التغير والنمو، وطالما أن الشريك يُعاملنا بمحبة واحترام ولطف، فلتكن هذه العلامات الخضراء بوصلتنا، ولنركض معاً نحوها.
