قد يبدو الحديث عن الطلاق مؤلماً، لكن الأصعب منه هو الاستمرار في علاقة تستنزفكِ بصمت، وتُطفئ نوركِ الداخلي شيئاً فشيئاً وأنتِ تسايرين الواقع.
بطبيعتنا كنساء، نتمسّك بالشريك، بالبيت، وبالذكريات. نُراهن على الحب والعِشرة، ونأمل في التغيير. لكن حين تتحوّل العلاقة إلى عبء نفسي وعاطفي، فإن القرار الأصعب قد يكون في الحقيقة خطوة أولى نحو النجاة.
بحسب المستشارة المتخصصة في العلاقات جيا رافازوتي، هناك علامات تحذيرية إن ظهرت، ينبغي التوقف عندها بجدية. وإحدى الدراسات الصادرة عن الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع تشير إلى أن 69% من حالات الطلاق تبادر بها النساء، مقابل 31% من الرجال. هذا الرقم ليس عشوائياً، بل يعكس حدس المرأة حين تستشعر أن كرامتها أو صحتها النفسية على المحك.
فهل مررتِ بإحدى هذه العلامات الخمس؟.
هل بدأ محيطكِ يتضاءل؟ الأصدقاء ابتعدوا، المناسبات الاجتماعية صارت مرهقة، وحتى العائلة لا تملأ شعوركِ بالوحدة؟.
في كثير من الحالات، يكون هذا نتيجة عزل تدريجي تمارسه العلاقة، لا سيما إن كان الشريك يقلل من أهمية علاقاتك الاجتماعية أو يقيّد تواصلكِ مع من تحبين.
تؤكد الدراسات النفسية أن العزلة المتعمّدة، حتى لو لم تُعبّر عنها بكلمات قاسية، تُعد شكلاً من أشكال العنف العاطفي.
هل صرتِ تترددين في أبسط القرارات؟ تتساءلين: هل سيعجبه هذا؟ هل سيغضب؟ هل سأُنتقد مجدداً؟.
هذا التردد المتكرر لا ينبع من فراغ، بل غالباً ما يكون نتيجة تراكم الانتقادات والتقليل من آرائك وخياراتك.
وحين تبدأين في التشكيك بقدرتكِ على اتخاذ أبسط القرارات، فقد آن الأوان للتساؤل: هل هذه العلاقة تدعمني أم تهز ثقتي بنفسي؟.
هل يراودكِ التفكير المستمر بـ"لو"؟
لو أنني غادرتُ في ذلك الوقت، لو أنني قلت ما أشعر به، لو أنني لم أتنازل.
حين يُكثر العقل من هذه العبارات، فغالباً ما يكون ذلك إشارة داخلية بأن العلاقة وصلت إلى مرحلة تستنزفكِ، وأنكِ تشتاقين لنسختكِ الأقوى التي غابت تحت وطأة الاستنزاف.
تُقدّمين وتتنازلين وتحاولين، ثم تجدين نفسكِ دائماً في موقع الخطأ.
لا يكفيه شيء، ولا يمنحكِ سوى اللوم.
ومع الوقت، يتحول صوته إلى صوت داخلي يُقنعكِ بأنكِ لا تستحقين أفضل.
لكن الحقيقة كما تقول رافازوتي؛ أن هذا إحساس زائف يولده التراكم العاطفي السلبي، وليس عيباً فيكِ.
حين تُسألين عن علاقتكِ، تبتسمين وتجيبين بأن "كل شيء على ما يرام"، وأنتِ تعلمين في داخلكِ أن الجواب الحقيقي بعيد تماماً عن تلك الكلمات.
التكتم، تجميل الحقيقة، وتجنب الحديث عن الألم هي محاولات لا شعورية للهروب من واقع مؤلم.
لكن العلاقات الصحية لا تجبركِ على الصمت، بل تمنحكِ مساحة للبوح بأمان، وتشجعكِ على التعبير لا على الاختباء.
الطلاق ليس خياراً بسيطاً. هناك التزامات، أطفال، ضغوط مجتمعية، وربما خوف من الوحدة.
لكن البقاء في علاقة تُضعفكِ، تُقصيكِ عن نفسك، وتُطفئ نوركِ الداخلي، ليس خياراً صحياً أيضاً.
لا تتعجلي، لكن لا تتجاهلي الإشارات. تحدثي إلى مختصين، شاركي مخاوفكِ مع من تثقين بهم، وامنحي نفسكِ الوقت لتفكري. لكن تذكري: كرامتكِ، صحتكِ النفسية، وسلامكِ الداخلي… أولويات لا يُساوَم عليها.