تتعدد طرق انتهاء العلاقات الإنسانية، سواء كانت صداقة عابرة أو بداية قصة حب لم تكتمل.
بعض النهايات تأتي واضحة وصريحة عبر الرفض المباشر، فيما يختار آخرون أسلوب "التجاهل" أو ما يُعرف بالـ Ghosting، حيث يختفي الطرف الآخر فجأة بلا تفسير. كلا الأسلوبين يترك أثراً نفسياً سلبياً، لكن أيهما أشد وطأة على المشاعر؟
حاول بحث علمي حديث نشر في دورية Computers in Human Behavior الإجابة عن هذا السؤال بطرق تجريبية دقيقة. قاد الدراسة فريق من جامعة ميلانو-بيكوكا بإيطاليا برئاسة أليسيا تلاري، حيث قام الباحثون بتجربة فريدة اعتمدت على محاكاة مواقف حقيقية بدلاً من الاعتماد على ذكريات قديمة للمشاركين.
شارك في التجربة متطوعون تواصلوا يومياً عبر الدردشة مع شخص ظنوا أنه متطوع آخر، بينما كان في الواقع أحد مساعدي الباحثين. وبعد بضعة أيام، تم تقسيم المواقف إلى ثلاثة أنماط: تجاهل كامل، رفض مباشر مع توضيح، أو استمرار طبيعي للتواصل (كمجموعة ضابطة).
كشفت النتائج أن كلاً من التجاهل والرفض أدّيا إلى انخفاض واضح في مشاعر القرب والرضا عن العلاقة، مع ارتفاع الإحساس بالاستبعاد والذنب. لكن الفارق ظهر في طبيعة استمرار الأثر:
كما شعر المشاركون في الحالتين بانخفاض ثقتهم الاجتماعية وتراجع إحساسهم بالكفاءة، إلا أن هذه المشاعر بدت أثقل عند التعرض للتجاهل.
يرى الباحثون أن السبب يكمن في غياب "الخاتمة". فعندما يتعرّض الشخص لرفض مباشر، رغم قسوته، فإنه يحصل على تفسير واضح يسمح له بطي الصفحة. أما في حالة التجاهل، يظل الباب مفتوحاً أمام احتمالات وأسئلة بلا إجابة؛ ما يُبقي الألم حياً ويؤدي إلى توتر طويل الأمد.
تشير الدراسة إلى أن التجاهل غالباً ما يكون أسوأ من الرفض المباشر، ليس فقط لأنه يترك أثراً نفسياً سلبياً، بل لأنه يسلب الشخص حقه في الفهم والإغلاق العاطفي. وهذا ما يجعل التواصل الصريح، حتى وإن كان صعباً، خياراً أكثر إنسانية من الصمت والانقطاع المفاجئ.