كثيرون يظنون أن فهم شخصية أحدهم يحتاج إلى شهور طويلة، وأنك لا تكتشف الناس إلا بعد أن تمرّ معهم بكسرات قلب، وتشاركهم قصص الطفولة، وربما علقت معهم في كارثة على طريق سفر.
لكن الحقيقة هي أنه أحياناً 10 ثوانٍ قد تكون كافية لمعرفة شخصية من أمامك خاصة لو كان الشخص من النوع الواضح الصريح.
والموضوع ليس "طاقات" أو "ذبذبات" مثل ما يقول البعض من دون أي دليل. بل إنه أمر مبني على علم النفس، أو لنقل على ملاحظات واقعية مبنية على منطق سليم.
إليك ما يكشفه سلوك الناس خلال لحظات قليلة، بحسب موقع medium:
الذي يريد لفت الانتباه: يدخل وكأنه ينتظر تصفيق الجمهور، حركاته كبيرة، صوته أعلى من اللازم، ويأخذ لحظة درامية قبل أن يتكلم. هذا غالباً شخص منفتح جداً أو يعاني من حاجة مستمرة للتقدير والاهتمام.
والذي يريد أن يختفي: يلتصق بالجدار، صوته خافت بالكاد يُسمع، وقد يكون خجولاً أو ببساطة لا يحب التجمّعات. لا يمكن تحديده من أول وهلة.
المتزن: يدخل بهدوء، وكأنه يعرف أن له مكاناً من دون أن يفرض نفسه، يسلم، ينظر في العيون، لا يُجامل زيادة ولا يتصنع. هؤلاء نادرون، لكن وجودهم مريح.
الكل يُظهر أفضل نسخة من نفسه عندما يكون تحت الضوء. لكن بمجرد أن يشعر أن لا أحد ينتبه له، يظهر "النسخة الحقيقية" منه.
هل ينشغل فوراً بهاتفه؟ هل يظل حاضراً ومهتماً حتى لو لم يكن هو محور الحديث؟ هل تبدو عليه علامات الضيق عندما يتحدث شخص آخر؟
إن الشخص الذي لا يتفاعل إلا عندما يكون هو محور الحديث يعطي إشارة تحذير واضحة. بينما الشخص الحاضر من دون سعي مستمر للاهتمام، غالباً يكون أكثر نضجاً واتزاناً.
هل سبق وتحدثت مع أحدهم ولم يسألك سؤالاً واحداً؟
حتى لو قلت له إنك كنت في عملية إنقاذ رهائن، سيرد عليك بشيء من قبيل: "غريب! تذكرت عندما نسيت شنطتي في المطار!". هناك من يقاطعك باستمرار ليتكلم عن نفسه.
وهناك من "يُزايد" على كل شيء تقوله: إذا نجحت في شيء، هو نجح في شيء أعظم!
الحوار السليم يجب أن يكون أشبه برقصة: أخذ وردّ. وليس حلقة بودكاست من طرف واحد.
لا تنخدع بالكلام الكبير. راقب التفاصيل الصغيرة: قال لك "سأرسل لك الرابط"… هل أرسله؟ وعدك "أكلمك لاحقاً"… هل نفّذ الوعد؟ قال "فلنشرب قهوة قريباً"… هل كانت مجاملة فارغة؟
من لا يلتزم بأبسط الأشياء، كيف تتوقع أن يكون مع الأمور الكبيرة؟ الشخص الجاد يظهر من اهتمامه بالصغائر.
هذا أكبر اختبار أخلاقي. شاهده كيف يتحدث مع النادل؟ كيف يعامل موظف الاستقبال أو عامل النظافة؟ كيف يتصرّف عندما لا يظن أن هناك شخصاً "مؤثراً" يسمعه؟
من يكون لطيفاً فقط مع من يمكن أن يستفيد منهم… هذه ليست طيبة، بل مصلحة. أما الذي يحترم الجميع، سواءً كان له مصلحة أم لا، فهذا شخص يستحق أن تثق به.
بعض الناس يتحولون لقنابل موقوتة عند أول خلاف بسيط. تقول له: "لدي وجهة نظر مختلفة"، فيتصرف كأنك أهنته شخصياً.
تعطيه ملاحظة بسيطة، يرد بعصبية أو يتهمك بالمبالغة.
والأسوأ: من يحاول التلاعب ويقول لك "أنت حسّاس جداً"، مع أنك فقط قلت رأيك.
اسأل نفسك: إذا لم يستطع التعامل مع الاختلاف بهدوء، فكيف سيكون في مواقف أصعب؟
نهاية المحادثة تكشف أحياناً أكثر من بدايتها:
الذي يختفي فجأة: كان يتحدث معك، وفجأة لم يعد موجوداً. لا وداع، لا شيء.
المُرتبك: يدرك فجأة أنه يريد الانصراف، فيبدأ بالتلعثم والخروج بطريقة فوضوية.
الذي لا يعرف كيف يتركك: كلما حاول أن ينهي، يعود ويبدأ موضوعاً جديداً. وكأنك في جزء ثالث من فيلم انتهى منذ زمن.
اللبق: يُنهي الحديث بسلاسة، يترك انطباعاً طيباً، وربما يختم بـ "كان الحديث ممتعاً، نكررها قريباً".
ليس الجميع ماهرين اجتماعياً، لكن من يُنهي الحوارات بلطف… غالباً يعرف كيف يُدير علاقاته.
تذكر دائماً أن الناس يظنون أنهم يستطيعون إخفاء حقيقتهم. لكن الحقيقة؟ تصرّفاتهم تفضحهم. من أول خطوة، من أول نظرة، من طريقة حديثهم، ومن أسلوبهم مع الآخرين.
الآن وبعد أن عرفت العلامات، لن تستطيع تجاهلها؟ في المرة القادمة التي تتعرّف فيها على شخص جديد… راقب، وسترى الحقيقة واضحة أمامك.