في حياة كل منا لحظاتُ وداع، وخسارات تُثقِل القلب وتُربكه. وعند الفقد، تتعطّل الكلمات، وتتلعثم الألسنة، ويتردّد الناس: هل أُبادر؟ ماذا أقول؟ وهل يكفي الصمت؟
هنا يأتي دور "إتيكيت الحزن"، أو ما يمكن وصفه بفن الحضور في لحظة الغياب.
هذا النوع من الإتيكيت ليس شكلًا اجتماعيًا مفرغًا من المعنى، بل هو دليل إنساني دقيق يرشدنا إلى كيف نكون داعمين ومحترمين لمشاعر الآخرين، من دون تجاوز أو تصنّع.
تقديم العزاء يتجاوز مجرد تعاطف قلبي، بل يشتمل على كلمات تُقال بشكل يعكس تعاطفك الحقيقي دون جرح الآخر أو تغرقه في مزيد من الحزن، إليك أبرز النصائح:
من أول قواعد إتيكيت الحزن أن تدرك أن الحضور الهادئ أقوى من ألف كلمة.
إذا كنت قريباً من الشخص المفجوع، لا تتردد في إرسال رسالة بسيطة تعبر عن تعاطفك.
وإذا كنتَ من الدائرة الأبعد، فلا عيب في انتظار الوقت المناسب. المواساة لا تُقاس بالسرعة، بل بالصدق.
ليست كل العبارات مناسبة في لحظات الفقد.
تجنّب جملًا مثل: "هو في مكان أفضل"، "على الأقل عاش طويلًا".
قد تكون نيتك طيبة، لكن مثل هذه الكلمات قد تُشعر الشخص بأنه مُطالَب بالتماسك قبل أن يُشفى.
بدلًا من ذلك، استخدم عبارات بسيطة مثل: "أنا معك في هذا الوقت الصعب"، أو "قلبي معك"، أو "لا كلمات تكفي، لكني هنا إن احتجت".
حين نقول: "إذا احتجت شيئًا فأخبرني"، نُلقي بالعبء على الشخص الحزين، وكأن عليه أن يطلب.
الأفضل أن تبادر في فعل الأشياء اللطيفة مثل:
لكل إنسان طريقته في الحزن. بعضهم ينعزل، وبعضهم يتحدث.
لا تفرض المواساة، ولا تُقارن: "أنا مررت بنفس الشيء..."، "فلان حزن أسبوعاً فقط، أنت أقوى من هذا".
إتيكيت الحزن يقتضي أن نستمع أكثر مما نتكلم. أن نمنح الآخر مساحة من دون تقييم أو إبداء آراء.
غالبًا ما يتجمّع الناس في الأيام الأولى من الفقد، ثم يختفون.
لكن الحزن الحقيقي يبدأ بعد العزاء. لذا فإن رسالة قصيرة بعد أسبوع، ومكالمة بعد شهر، وزيارة بعد فترة… كلها إشارات بأنك لم تكن مجرد عابر لحظة، بل سند في الغياب الطويل.
"إتيكيت الحزن" لا يعني التصنّع.. بل الرفق. أن نُحسن الوقوف في لحظة ضعف الآخر، من دون أن نحجّمه أو نثقل عليه. أن نُخفّف من وطأة الفقد لا بكثرة الكلام، بل بلُطف الحضور وصدق الشعور.