الاعتذار ليس مجرد كلمة نقولها لنُنهي الخلاف، بل هو فن يتطلب صدقا، ووعيا، وشجاعة للاعتراف بالخطأ.
كم مرة قلتِ "أنا آسفة" وشعرتِ أن الطرف الآخر لم يتقبّلها؟ ربما لأن الكلمات لم تكن كافية، أو لأن طريقة الاعتذار حملت في طياتها تهربا أو تبريرا بدلا من تحمل المسؤولية.
والغريب أن كثيرا من الناس لا يعرفون كيف يعتذرون بالشكل المناسب؛ ما يصعّب إصلاح العلاقات بعد الخلافات.
في هذا المقال، نستعرض معكِ أكثر 5 أخطاء شائعة في الاعتذارات، كي تتجنبيها وتُحولي اعتذاركِ إلى خطوة حقيقية نحو المصالحة وتعزيز الثقة.
عبارات مثل: "أنا آسفة لأنك شعرتِ بهذا الشكل"، أو "آسفة إن جرحتكِ". قد تبدو وكأنها اعتذارات، لكنها في الحقيقة تفتقر إلى المضمون. لماذا؟ لأنها لا توضّح ما الخطأ الذي ارتكبته المتحدّثة، بل تُلقي باللوم على مشاعر الطرف الآخر.
إذا كنتِ وعدتِ صديقتك بأن توصلي طفلها من المدرسة ولم تفعلي، ثم شعرت بالخيانة، فالاعتذار الحقيقي يجب أن يبدو هكذا: "وعدتُكِ بأن أُوصل طفلكِ، ولم أفعل. أنا آسفة". لأن الاعتراف المباشر بالخطأ، من دون تبرير أو تهرب، يمنح الاعتذار قوّته المرغوبة من الطرف الآخر.
إذا قلتِ: "آسفة نسيت أن أُوصل الطفل، لكن كان من المفترض أن تذكريني مثل المرة الماضية"!.. هذا ليس اعتذارا بل دفاع عن النفس. حتى لو كان للطرف الآخر دور صغير؛ إذ لحظة الاعتذار ليست وقت فتح الملفات.
لذا لا بد أن تركزي على الخطأ الذي ارتكبتِه، ويمكن لاحقا الحديث عن الأمور الأخرى.
جمل مثل: "آسفة، لكن كنتُ مشغولة ومكتئبة، ولهذا نسيت الطفل"..لا تُعد اعتذارا، بل محاولة للشرح قبل تحمل المسؤولية.
الاعتذار يجب ألّا يُرافقه تبرير مباشر، يمكن دائما توضيح الظرف لاحقا، لكن البداية يجب أن تكون باعتراف صريح.
مثال عملي: "أقدّر قبولك لاعتذاري. وأريد أن أخبرك أنني كنت أمرّ بمرحلة من التوتر والاكتئاب أثرت على تركيزي. أعلم أن هذا لا يُبرر الخطأ، لكنه فقط شرح لما حصل".
الاعتذار لا يكتمل من دون الاعتراف بالأثر الذي سبّبته تصرفاتكِ. كيف أثّرتِ عليهم؟ كيف شعروا؟ وما مدى تأثير ذلك على العلاقة؟
مثال: "وعدتكِ أن أوصل طفلكِ ولم أفعل. واضطررتِ لمغادرة العمل مسرعة والتعامل مع مدير غاضب. أتخيّل كم كان هذا مرهقا لكِ، وأفهم لماذا شعرتِ بالخيانة. أدرك أنني خذلت ثقتكِ".
وإن لم تكوني متأكدة من حجم الضرر الذي سبّبته، اسأليهم: "كيف أثّرت عليكِ تصرّفاتي؟ كيف شعرتِ وقتها؟ وكيف تشعرين الآن؟ كيف ترين أثر ذلك على علاقتنا؟.. الاعتراف بالأثر يُظهر تعاطفكِ، وهو مفتاح لأي مصالحة حقيقية.
عبارات مثل: "أحتاج أن تسامحيني"، أو "لن أهدأ إلا إذا سامحتِني".. هذا الاعتذار يتحول من طلب الصفح إلى ضغط نفسي غير مرغوب.
المسامحة قرار شخصي، لا يمكن فرضه، وهي لا تأتي إلا حين يكون الشخص المتأذي مستعدا لذلك. الأهم من انتظار الغفران هو التركيز على إصلاح العلاقة.
اسألي: ما الذي يمكنني فعله لأُصلح ما حدث بيننا؟ ما الذي تحتاجينه مني في المستقبل؟ كيف يمكنني استعادة ثقتكِ؟
تذكري أن الاعتذار فن، وعندما يُقدم بصدق، من دون تهرب أو ضغط أو تبرير، يمكنه أن يعيد بناء ما تهدّم من جسور العلاقة.
كوني صادقة، متواضعة، ومستعدة للتغيير... فهذا هو سر الاعتذار الذي يحدث فرقا.