header-banner
الاحتراق الوظيفي

الاحتراق النفسي يبدأ حين تغيب القيم

تطوير الذات
إيمان بونقطة
22 يونيو 2025,9:00 ص

هل فكّرت يومًا أن ما يستنزف طاقتك النفسية ليس فقط ضغوط الحياة أو إرهاق العمل، بل غياب ما يمنحك الشعور بالجدوى؟

كثيرون يشعرون بالإرهاق رغم تقليص المهام، أو تغيير بيئة العمل، أو حتى أخذ فترات راحة طويلة. ومع ذلك، لا يتغير شيء في الداخل.

ما يغيب عن المشهد ليس الراحة ولا الوقت، بل ذلك الإحساس العميق بالمعنى، وتلك القيم التي نعيش من أجلها.

عندما نتحوّل إلى آلات تؤدي المطلوب بلا قناعة، أو نمارس أدوارنا اليومية دون أن نتصل بما نؤمن به فعلًا، يبدأ التآكل الصامت في دواخلنا.

نُنجز، نعم، لكن بوجوه مرهقة ونفوس تزداد بُعدًا عن ذاتها الحقيقية. هذه ليست مجرد ضغوط مؤقتة؛ بل علامات مبكرة على الاحتراق النفسي المرتبط بانفصالنا عن قيمنا الأعمق.

في هذا المقال، نستعرض الجذور الخفية لهذا النوع من الإرهاق، وكيف يمكن لعودة بسيطة إلى ما نؤمن به حقًا أن تعيد إلينا التوازن، وتمنحنا طاقة أكثر استقرارًا من أي راحة جسدية.

كيف تحمي نفسك من الاحتراق النفسي؟ 

a476e52f-f61a-47fb-8ded-365799039b6f

في عالم يفيض بالضغوط والمسؤوليات، كثيرًا ما نربط الإرهاق النفسي بالإجهاد وحده. لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا. فالإرهاق لا ينشأ فقط من العمل المفرط أو ساعات الدوام الطويلة، بل من فقدان البوصلة الداخلية التي تمنح حياتنا المعنى والاتجاه.

ما لا يخبرك به أحد عن الإرهاق النفسي

غالبًا ما نتصور أن الحل يكمن في أخذ استراحة، أو تقليل المهام، أو حتى تغيير الوظيفة. ورغم أن هذه الخطوات قد تكون ضرورية أحيانًا، إلا أنها لا تعالج الجذور العميقة للإرهاق.

فما يغيب عنا هو أن غياب القيم الجوهرية عن حياتنا اليومية، والعمل دون هدف حقيقي، والانفصال عمّا نؤمن به في العمق، كلها أسباب خفية، ولكنها فعّالة في استنزاف طاقتنا النفسية والذهنية.

مشاعر عابرة أم قيم ثابتة؟

المشاعر تتغير بتغير الجو، والتعب، والجوع، وحتى المزاج الصباحي. أما القيم، فهي البوصلة التي تبقى ثابتة وسط كل هذا التقلب. الاعتماد على المشاعر فقط كدافع للعمل يجعلنا عرضة للإنهاك. أما من يستند إلى قيم راسخة، مثل: التعاطف، والاحترام، والكرامة؛ فيحمي نفسه من الانهيار، لأنه يتصرف من منطلق ثابت لا يتأثر بتقلب الظروف.

أخبار ذات صلة

3 توكيدات لتدرك قيمتك الحقيقية

من دون قيم نصبح أشخاصًا آخرين

عندما ننفصل عن قيمنا العميقة، نفقد الإحساس بهويتنا. ونصبح أشخاصًا مختلفين في كل مرة نشعر فيها بشيء مختلف. هذا الاضطراب الداخلي يخلق شعورًا بالفراغ، ويزيد من هشاشتنا النفسية، مما يجعلنا نتصرف بما يتعارض مع ما نؤمن به فعلاً.

هل تذكر موقفًا تصرفت فيه بطريقة لا تشبهك؟ ربما أطلقت حكمًا قاسيًا، أو قلت شيئًا ندمت عليه لاحقًا؟ على الأرجح، كنت حينها تستجيب لمشاعر مؤقتة لا لقيمك الحقيقية.

تذكير ذاتي بثلاثة أسئلة

لتحقيق التوازن والوقاية من الإرهاق، ينصح الدكتور ستيفن ستوسني بطرح هذه الأسئلة على الذات بانتظام:

  • ما الذي أؤمن به وأقف من أجله؟
  • ما التحسين البسيط الذي أود إدخاله على نفسي أو علاقتي اليوم؟
  • ما نوع الشخص أو الزميل أو الوالد الذي أطمح أن أكوّنه؟

الإجابة الصادقة عن هذه الأسئلة تمنحنا وضوحًا داخليًا، وتعيد توجيه طاقتنا نحو ما هو مهم فعلًا.

القوة الحقيقية لا تأتي من السيطرة

غالبًا ما نلجأ إلى سلوكيات تمنحنا شعورًا مؤقتًا بالقوة: مثل الغضب، الانتقاد، أو تجاهل الآخرين. لكن هذه الأفعال عادةً ما تأتي على حساب قيم أعمق مثل الاحترام أو الرحمة أو الصدق.

الرغبة بفرض السيطرة تدفعنا إلى انتهاك ما نعتبره ثمينًا في داخلنا. وعلى المدى الطويل، نخسر أكثر مما نكسب.

02c32b8f-5b43-499f-a1bd-cd1da9f8877c

تفعيل القيم يحتاج وعيًا

بعكس المشاعر التي تنشط تلقائيًا، تحتاج القيم إلى وعي وجهد. أن تختار اللطف بدلًا من الغضب، أو التسامح بدلًا من الانتقام، يعني أنك تستثمر طاقتك الذهنية في اختياراتك، وهذا يتطلب شجاعة وثباتًا.

لكن النتيجة تستحق العناء: شعور أعمق بالاتساق مع النفس، وطاقة مستقرة لا تنهار عند أول صدمة.


في كل يوم، نواجه خيارات بسيطة، لكنها تعكس من نحن. وعندما نعتاد اتخاذ قرارات تستند إلى القيم لا إلى الانفعالات، نحصّن أنفسنا ضد الاحتراق النفسي، ونبني حياة نتحمل مسؤوليتها بفخر.

فالشفاء لا يبدأ من الراحة الجسدية فقط، بل من العودة إلى ما يجعلنا بشرًا: قيمنا الأعمق.

أخبار ذات صلة

يجب أن تبدأ بتعزيز قيمتك الذاتية قبل كل شيء

 

footer-banner
foochia-logo