قد تكون واحدة من أصعب اللحظات في تجربة الأمومة أن تتعرضي للضرب من طفلك. شعور مختلط بين الذهول، الألم، الغضب، وربما الخوف من المستقبل.
ماذا يعني أن يرفع ابنك يده عليك؟ هل هذا تعبير عن خلل تربوي؟ هل هو مؤشر لمشكلة نفسية؟ وهل يعني أنك فقدت السيطرة على سلوكه؟
في الحقيقة، سلوك الضرب من الطفل لا يحدث فجأة، وغالبا لا يكون نابعا من نية إيذاء حقيقية، بل هو تعبير جسدي عن مشاعر لا يعرف كيف يديرها أو يعبّر عنها بالكلمات.
هنا يأتي دورك، لا كضحية، بل كراشدة تمسك بزمام الموقف، وتحوّل لحظة الانفجار إلى فرصة للفهم والتقويم.
حين يضربك طفلك، من الطبيعي أن تشعري بالإهانة، لكن من المهم أن تتذكري أن طفلك لا "يكرهك" ولا "يتعمّد" إهانتك، بل هو يستخدم الوسيلة الوحيدة التي يعرفها للتعبير عن غضبه أو إحباطه. السلوك غير مقبول، نعم، لكن طفلك ما زال يستحق الحب، الدعم، والتوجيه.
لا تردّي بالضرب، ولا بالصراخ. هذه الاستجابات ترسّخ نموذجا خاطئا بأن العنف مقبول إذا جاء من الأقوى. بدلا من ذلك:
سلوك الطفل العنيف لا يحدث بمعزل عن السياق. اسألي نفسك:
غالبا ما يكون الضرب وسيلة تعبيرية بدائية عن مشاعر مكبوتة، مثل الغيرة، الإحباط، أو حتى الحاجة للانتباه.
في سن الطفولة، يحتاج الطفل إلى التعلّم لا العقاب فقط.
الأطفال لا يتعلّمون فقط مما نقوله، بل مما يرونه ويعيشونه.
كل هذه العوامل تسهم في تطبيع السلوك العنيف لديه.
إذا تكرر السلوك بشكل مفرط، أو صاحبته مشكلات أخرى مثل الكوابيس، التبول اللاإرادي، أو نوبات غضب شديدة، فقد يكون من المفيد استشارة أخصائي نفسي للأطفال. التدخّل المبكر يساعد على ضبط السلوك قبل أن يتجذّر ويتحول إلى نمط دائم.
أن تقولي "لا" لطفلك لا يعني أنك قاسية، وأن تضعي له حدودا لا يعني أنك فقدت حنانك. التربية الواعية تقوم على التوازن بين الحزم والتعاطف، بين الاستجابة الفورية والفهم العميق. حين يضربك طفلك، لا تجعلي الموقف نهاية العلاقة، بل اجعليه نقطة تحوّل نحو تربية أكثر وعيا، وطفل أكثر قدرة على فهم ذاته وضبطها.