يحذر خبراء ماليون من أن الإنفاق الزائد لا يحدث دائماً بسبب قرارات كبيرة، بل غالباً ما يتسلل عبر مصاريف خفية لا ينتبه لها كثيرون.
المخطط المالي إريك بروتمان، الرئيس التنفيذي لشركة BFG للاستشارات المالية، أوضح أن التكاليف الخفية، مثل: اشتراكات البث الشهري، أو تغطيات التأمين المفرطة، أو حتى دفع ضرائب أعلى من اللازم، تتسلل إلى الميزانية وتستنزف الأموال بهدوء.
وفقًا لتقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر"، فإن الإفراط في الإنفاق يُعد أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى خروج الميزانية عن مسارها الصحيح؛ ما يعرقل أي تخطيط مالي ذكي وطويل الأمد.
ورغم أن البعض يعتقد أن المشكلات المالية الكبرى تنتج عن عملية شراء ضخمة أو قرار مكلف واحد، فإن الواقع في كثير من الأحيان مختلف؛ فالمشتريات الصغيرة والمتكررة هي التي تتسلل بهدوء لتخريب الميزانية دون أن ننتبه.
لذلك، يُعد فهم نقاط الضعف في الإنفاق الشخصي خطوة أساسية نحو إدارة المال بفاعلية. فبمجرد أن تحدد المواطن التي تفرط في الإنفاق عليها، يمكنك اتخاذ قرارات أكثر وعيًا، وإجراء تغييرات مدروسة تُعيد ميزانيتك إلى المسار الصحيح، وتساعدك على تحقيق أهدافك المالية بثبات.
عند التفكير في ترشيد الإنفاق، قد تفكر في الاستغناء عن شراء الطعام الجاهز أو القيام ببعض جولات التسوق.
لكن بعض أكثر النفقات التي نتجاهلها ليست نفقات لمرة واحدة كهذه.
المخطط المالي إريك بروتمان، الرئيس التنفيذي لشركة BFG للاستشارات المالية يقول: ينتهي الأمر ببعض هذه المشاكل في الخدمات والرسوم المرتبطة بتقنياتها.
ويضيف: غالباً ما تمر نفقات مثل الاشتراكات الشهرية، ووثائق التأمين الباهظة، وعدم كفاءة الضرائب دون أن تُلاحظ، لأنها غالباً ما تكون جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وعلى عكس المشتريات الاندفاعية، فهي متكررة أو مُدمجة في الأنظمة الأساسية، مما يُصعّب اكتشافها وتخفيضها دون دراسة دقيقة. والكثير من هذا يعود إلى ما أسميه نهج النعامة، أي دفن الرأس في الرمال دون وعي.
ويتابع: أعتقد أن معظمنا يُفرط في الإنفاق دون قصد، ولذلك، فإن أكبر خطأ أراه هو إنفاق الناس أي مبلغ من رواتبهم على أمل أن يتبقى لديهم مال في نهاية الشهر ليتمكنوا من الادخار.
حتى تتمكن من التحكم بطرق إنفاقك، عليك أن تتبع بعض الخطوات المساعدة مثل:
من البديهي مراجعة كشوفات حساباتك المصرفية ورصيد بطاقتك الائتمانية بانتظام.
راجع كشف حسابك شهرياً لمعرفة أين تذهب أموالك وما إذا كنت بحاجة إلى تعديل إنفاقك.
يُعدّ تتبّع النفقات الخفية أمراً أساسياً للتحكم في شؤونك المالية.
باستخدام أحد أفضل تطبيقات الميزانية، مثل Monarch Money أو YNAB، يُمكنك إظهار هذه النفقات من خلال تصنيف المعاملات تلقائياً وتسليط الضوء على أنماط الإنفاق بمرور الوقت.
عندما تتمكن من معرفة أين تُصرف أموالك بدقة، يُصبح من الأسهل اتخاذ قرارات مدروسة وتعديل عادات الإنفاق قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.
إحدى الطرق هي استخدام برنامج مالي شخصي يُحمّل جميع نفقاتك ويُصنّفها ويساعدك على رصد اتجاهاتها.
يقول بروتمان: أستخدمه بانتظام منذ فترة طويلة، وأعتقد أنه يُساعدني على تحديد مواضع التغيرات المفاجِئة أو مواضع الاتجاه الخاطئ.
يمكن لأدوات أخرى، مثل Rocket Money، أن تساعدك أيضاً على تحديد الاشتراكات غير الضرورية وإلغائها، وهي نتيجة شائعة لنمط الحياة المتغير.
إن اكتشاف هذه التكاليف المتراكمة مبكراً يُحدث فرقاً كبيراً مع مرور الوقت، خاصةً إذا كانت تستنزف أموالاً كان بإمكانك ادخارها أو استثمارها.
من السهل أن تدع الإنفاق التقديري يلتهم راتبك، خاصةً عندما لا تفكر إلا في ادخار ما تبقى.
لكن الاستراتيجية الأفضل هي أن تتعامل مع المدخرات كما لو كانت فاتورة تدفعها لنفسك أولاً.
عندما تُنظّم فواتيرك ومساهماتك الادخارية تلقائياً، يمكنك تحقيق تقدم مستمر نحو أهدافك قبل إنفاق باقي أموالك على غير الضروريات.
تُساعد هذه الاستراتيجية على تخفيف العبء الذهني لإدارة الأموال، مع تجنّب رسوم التأخير، والمدفوعات الفائتة، ورسوم السحب على المكشوف.
يقول بروتمان: أنصح الجميع بدفع رواتبهم لأنفسهم أولاً، ثم، مهما كان دخلك، خذ أول 10% أو 15%، أو أياً كان هذا الرقم، وقم بأتمتة مدخراتك واستثماراتك.
على الرغم من أن الإفراط في الإنفاق المتسلل قد يؤدي إلى إخراج ميزانيتك عن مسارها، فإن مفتاح استعادة السيطرة هو الوعي.
من الممكن تحقيق أهدافك الادخارية، ودفع الفواتير في مواعيدها، مع الاحتفاظ بأموال تقديرية، لكن ذلك يتطلب استمرارية ونهجاً استباقياً، إذ إن مراجعة أموالك بانتظام وإجراء التعديلات اللازمة يضمن لك الالتزام بالمسار الصحيح لتحقيق أهدافك المالية قصيرة وطويلة الأجل.