من المعروف أن صيد الصقور رياضة قديمة وعريقة نشأت منذ آلاف السنين، وكانت حكرا على فئة الأثرياء والنبلاء.
هذه الرياضة لا تقوم فقط على المهارة وحدها، بل الصبر والتنظيم والعلاقة العميقة بين الإنسان والطائر الجارح.
ففي لحظة انطلاق الصقر في السماء، يندمج الزمن مع الغريزة، ويبدأ العرض الصامت للقوة والدقة والجمال.
ورغم تغيّر الأزمنة، لم تزل هذه الرياضة لها مكانة مرموقة في ثقافات متعددة حول العالم، حيث تجمع بين التقليد والدهشة، وتقدم مشهدا مميزا بين الطبيعة والإنسان.
صيد الصقور ليس مجرد هواية، بل تجربة تتطلب تفانيا نادرا، فالصقر ليس حيوانا أليفا، بل صياد مفترس يجب تدريبه ورعايته بشكل دائم ولا مجال للتهاون معه، فهذه الطيور يجب أن تُحلّق بانتظام وتعامل باحترام كامل لغريزتها.
أصبحت رياضة الصقور تجذب فئة واسعة حاليا من محبي التميز، إليك كل ما يتعلق بهذه الرياضة الفاخرة وفق ما نشر تقرير لمجلة halcyonlifestyle.
صيد الصقور كان دوما رياضة الطبقات الرفيعة، منذ عصر الملوك في أوروبا إلى أمراء الشرق، ارتبطت هذه الرياضة بالفروسية والهيبة.
وكان النبلاء لا يشاهدون من دون صقر على أيديهم، وكأنّه رمز للسلطة والنبالة، ولم تكن الرحلات إلى الصيد تكتمل من دون الصقور المدربة.
وارتبط هذا الفن بالصورة الذهنية للقيادة والشرف، وظل حتى اليوم رمزا لذوق مرتبط بالالتزام والتقاليد.
هذه الرياضة ليست لمن يبحث عن متعة عابرة، فالصقور تحتاج لعناية يومية وطيران منتظم، ثلاث مرات على الأقل أسبوعيا. وإهمال الطائر قد يدمره نفسيا وجسديا.
والأمر يتطلب التزاما طويل الأمد، يشبه تربية رياضي أولمبي. من يريد دخول هذا العالم عليه أن يكون مستعدا للتضحية بالوقت والجهد، بل وأحيانًا بالعطلات العائلية.
بالإضافة إلى ذلك التكاليف المادية أيضا مرتفعة؛ فصقر الشاهين مثلا قد يصل سعره إلى 2000 جنيه إسترليني، في حين تبدأ أسعار أنواع أخرى مثل "هاريس" من 200. كونها استثمارا في شغف نادر.
بعد تراجعها عالميا وتقييد الوصول للأراضي الريفية، عادت الصقارة إلى الواجهة كرياضة راقية.
إذ تقدم بعض العقارات البريطانية رحلات صيد بالصقور ضمن برامج الترفيه الفاخر؛ ما يعيد إحياء هذا الفن القديم.
وليس الهدف مجرد الصيد، بل خلق تجربة متكاملة من التفاعل مع الطبيعة والتاريخ. من مشاهدة صقر يصطاد طريدة في الهواء إلى المشاركة في تدريب الطائر، تتوفر للزوار فرصة نادرة للانخراط في عالم ظل حكرا لقرون على النخبة.
لا تقتصر هذه الرياضة النبيلة على نوع واحد من الطيور؛ لكل نوع شخصيته وأسلوبه في الصيد.
فالصقور تحلق عاليا وتنقض في انقضاضة دقيقة، بينما الصقور الجارحة كـ"غوشوك" تعتمد على الضرب المباشر والوزن.
وهناك أيضا نوع "هاريس"، الصقر الأمريكي الذكي الذي يرتبط بشدة بصاحبه ويتبعه من شجرة إلى شجرة. ويفضله المبتدئون لسهولة تدريبه.
صيد الصقور رياضة مميزة بحد ذاتها، وتجمع بين التاريخ والمهارة، وبين الطبيعة والالتزام العميق. وتجربة نادرة بدأت تستعيد رونقها في العصر الحالي.