قبل سنوات لم يكن من الممكن تخيّل حياة الأشخاص بدون محفظة، فالاستغناء عنها ربما يوقع الفرد في ظروف لا تحمد عقباها؛ خصوصًا إذا كان ذاهبًا للبقالة أو إلى مسار بعيد عن منزله.
بينما اليوم لم يعد للمحفظة في حياتنا مكانها المهم، فبعد التحوّل الرقمي والإلكتروني الذي رافق ولم يزل يتطوّر في حياتنا، دفع بالكثير من الأشخاص وخاصة جيل Z بالاستغناء تمامًا عن المحافظ نحو الدفع بدون تلامس.
وهذه التقنية لا تقتصر على تمرير البطاقة أو الهاتف، بل تمثل نقلة نوعية في طريقة تفاعلنا مع المال وبشكل لم يسبق له مثيل، لتجعل عملية الدفع جزءًا سلسًا من تجربتنا الشرائية.
التحول نحو الدفع بدون تلامس، أو بالإنجليزية بـ Contactless Payments، يعني ببساطة القدرة على إتمام المعاملات المالية بمجرد تمرير بطاقتك الائتمانية أو الخصم، أو حتى هاتفك الذكي أو ساعتك الذكية، بالقرب من جهاز دفع مخصص يدعم هذه التقنية، دون الحاجة لإدخال البطاقة في الجهاز أو إدخال الرقم السري للمعاملات الصغيرة.
ووفقًا لبحوث مؤسسات مالية عالمية، مثل: Statista، فإن هذا التحول يرتكز على تقنيات رئيسة:
وهذه هي التقنية الأساسية وراء الدفع بدون تلامس NFC، تسمح لأجهزة الدفع والبطاقات/الهواتف بالتواصل مع بعضها البعض لاسلكياً على مسافات قصيرة، مثل: بضعة سنتيمترات. أو عندما تضع بطاقتك أو جهازك الذكي بالقرب من قارئ الدفع، يتم تبادل البيانات بشكل آمن وسريع جداً لإتمام عملية الشراء.
لتعزيز الأمان، لا يتم نقل رقم بطاقتك الحقيقي خلال عملية الدفع. وبدلاً من ذلك، يتم تحويل رقم البطاقة إلى "رمز" فريد (Token) خاص بكل معاملة.
وهذا يعني أنه حتى لو تم اعتراض البيانات، فلن يتمكن المخترقون من الوصول إلى معلومات بطاقتك الحقيقية؛ ما يقلل بشكل كبير مخاطر الاحتيال وسرقة البيانات.
في العديد من الهواتف الذكية والساعات الذكية التي تدعم الدفع بدون تلامس (مثل Apple Pay أو Google Pay)، يمكن للمستخدمين المصادقة على المعاملات باستخدام بصمة الإصبع أو التعرف على الوجه؛ ما يضيف طبقة إضافية من الأمان والراحة.
هذه الميزة لا تقتصر على المعاملات الكبيرة، بل تزيد الطمأنينة للمستخدمين بشكل عام.
من أبرز مزايا الدفع بدون تلامس هو السرعة الفائقة في إتمام المعاملات. بدلاً من إدخال البطاقة وانتظار المصادقة ثم إدخال الرقم السري، يمكن إتمام العملية في ثوانٍ معدودة. هذه السرعة ليست مفيدة للمستهلكين فحسب، بل للبائعين أيضاً، حيث تقلل طوابير الانتظار وتزيد كفاءة العمليات.
في ظل الظروف الصحية العالمية الأخيرة وتحديدًا كورونا وجدري القردة، اكتسبت هذه التقنية أهمية إضافية كونها تقلل الحاجة للمس الأجهزة المشتركة أو تبادل النقود المادية؛ ما يسهم في تقليل انتشار الجراثيم.
هذا التحول ليس مجرد رفاهية، بل هو استجابة لمتطلبات العصر في عالم يتجه نحو الرقمنة والسرعة، ويقدم حلولًا آمنة ومريحة تتجاوز حدود الطرق التقليدية للدفع.
الدفع بدون تلامس وسيلة تكنولوجية مميزة، وأصبحت حاليا جزءًا من حياتنا يعدنا بمستقبل بدون محافظ، حيث السرعة والأمان والراحة والتي تعبر حقيقة عن مفهوم التكنولوجيا.