شهدت العقود الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد المصابين بأمراض المناعة الذاتية، وهي مجموعة من الحالات المزمنة التي يتوجب على المريض التعايش معها مدى الحياة.
وتحدث هذه الأمراض عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجسم السليمة عن طريق الخطأ، بدلًا من محاربة الجراثيم والفيروسات ومسببات الأمراض، مما يؤدي إلى اضطرابات قد تطال أعضاء متعددة في الجسم.
وتشمل أنواع أمراض المناعة الذاتية نحو 100 نوع تقريبا، لكن لحسن الحظ معظمها غير مميت، بل يمكن للمصابين بها أن يعيشوا حياة طبيعية وكاملة، من دون تأثير كبير على متوسط العمر المتوقع، خاصة عند التشخيص المبكر والمتابعة الطبية المستمرة.
أمراض المناعة الذاتية هي اضطرابات صحية تحدث عندما يختل عمل الجهاز المناعي، فيبدأ بمهاجمة خلايا الجسم السليمة عن طريق الخطأ، بدلاً من حماية الجسم من الفيروسات والبكتيريا والجراثيم.
في الحالة الطبيعية، يعمل الجهاز المناعي كخط الدفاع الأول عن الجسم، حيث يكتشف أي أجسام غريبة مثل الفيروسات أو السموم، ويُطلق خلايا الدم البيضاء لمهاجمتها والتخلص منها. لكن في حالة الإصابة بمرض مناعي ذاتي، يصبح الجهاز المناعي مفرط النشاط، ولا يجد أجسامًا غريبة ليهاجمها، فيوجه هجومه نحو أنسجة الجسم نفسه، مسببا الالتهاب والألم وأعراضا مزمنة تختلف حسب نوع المرض والمنطقة المصابة.
وتُعد هذه الأمراض شائعة أكثر مما يُعتقد؛ إذ تشير التقديرات إلى أن واحدا من كل 15 شخصا في الولايات المتحدة يعاني من أحد أشكال أمراض المناعة الذاتية. كما أن الإصابة بمرض واحد قد ترفع من خطر الإصابة بمرض آخر، وهي حالة تُعرف باسم "متلازمة المناعة الذاتية المتعددة".
رغم وجود أكثر من 100 نوع من أمراض المناعة الذاتية، إلا أن هناك مجموعة تُعد الأكثر شيوعا وانتشارا بين الناس حول العالم، بحسب ما أورده موقع Cleveland Clinic. وتتنوع هذه الأمراض بحسب العضو أو الجهاز الذي يستهدفه جهاز المناعة داخل الجسم.
إليك القائمة الكاملة لأبرز أمراض المناعة الذاتية:
وفقا لموقع healthline فإن الأطباء لا يعرفون تحديدًا سبب أمراض الجهاز المناعي. ومع ذلك، يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة باضطرابات المناعة الذاتية من غيرهم نتيجة لعدد من العوامل، من بينها العامل الوراثي.
وشرح: قد يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية بسبب الجينات الموروثة (تاريخ عائلتك). مع العلم أن الإناث اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عامًا هن الأكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية من الذكور.
قد يكون لكل مرض من أمراض المناعة الذاتية أعراضه الخاصة، حسب أجهزة الجسم المصابة، لكن أيضا قد تتشابه أعراض أمراض المناعة الذاتية المختلفة، خصوصا في بدايتها.
وتشمل الأعراض الشائعة لأمراض المناعة الذاتية:
في بعض أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك الصدفية أو التهاب المفاصل الروماتويدي، قد تظهر الأعراض وتختفي، مع العلم أن فترة ظهور الأعراض تُسمى "نوبة".
يعتمد تشخيص أمراض المناعة الذاتية على مجموعة من التحاليل الطبية، أبرزها اختبار الأجسام المضادة للنواة (ANA)، واختبارات الأجسام المضادة الذاتية، وتعداد الدم الكامل (CBC).
ووفقا لما أورده موقع myhealth، يُعد اختبار ANA من التحاليل الأساسية، ويُستخدم للكشف عن وجود أجسام مضادة قد تشير إلى اضطراب مناعي ذاتي.
كما يطلب الأطباء في كثير من الحالات إجراء اختبار عامل الروماتويد، خاصة عند الاشتباه في الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، حيث تُساعد نتائج هذه التحاليل مجتمعة في تأكيد التشخيص وتحديد طبيعة المرض بدقة.
لا يوجد تحليل دم واحد يُعد الأفضل لاكتشاف اضطراب مناعي ذاتي؛ إذ يعتمد التشخيص عادةً على مجموعة من الفحوصات التي يُحددها الطبيب بناءً على الأعراض والتاريخ الطبي.
ووفقًا لموقع Mount Sinai، فإن تحاليل الدم الشائعة التي تُستخدم في تشخيص أمراض المناعة الذاتية تشمل ما يلي:
باتت الأدوية البيولوجية تُعد من أحدث العلاجات المستخدمة في مواجهة أمراض المناعة الذاتية، وذلك لما توفره من فعالية ملحوظة وفوائد متعددة مقارنة بالأدوية التقليدية، وفقا لما أورده موقع Autoimmune Institute.
وأوضح الموقع أن هذه الأدوية تأتي غالبا في صورة أجسام مضادة، وهي بروتينات مصممة بدقة لاستهداف مكونات معينة داخل الجسم، مثل الجزيئات أو البروتينات، بهدف تعديل نشاطها المفرط أو الضار.
فعلى سبيل المثال، في حالات مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو التهاب المفاصل الصدفي، يمكن استخدام جسم مضاد يستهدف الجزيئات المسؤولة عن الالتهاب؛ ما يؤدي إلى تقليل الأعراض بشكل فعال.
بصفة عامة، قد يحتاج مرضى اضطرابات المناعة الذاتية إلى علاجات متنوعة؛ إذ يعتمد وصف العلاج على طبيعة الأعراض التي يشتكي منها المريض. مع مراعاة أن جهاز المناعة والجينات والبيئة هي أمور تختلف من شخص لآخر؛ ما يعني أن العلاجات لجميع المرضى قد لا تكون واحدة.
وتشمل بعض العلاجات الشائعة لإدارة أعراض أمراض المناعة الذاتية ما يلي:
على الرغم من توصية الأطباء للجميع بضرورة اتباع نظام غذائي متوازن، كونه يدعم عيش حياة صحي، فإنه في حالة مرضى اضطرابات المناعة الذاتية لا يصبح الأمر مجرد توصية، بل ضرورة حتمية.
ووفقا لموقع معهد أمراض المناعة الذاتية الدولي فإن تناول الطعام الصحي والابتعاد عن الأطعمة غير الصحية يقلل من ظهور الأعراض، إضافة إلى اتباع عادات مفيدة أخرى، مثل التحكم في التوتر والنوم الجيد.
نصح المعهد المختص أصحاب أمراض المناعة الذاتية بتناول الأطعمة التي تكافح الالتهابات، وهي:
تتضمن قائمة الأطعمة التي يجب تجنبها في الحميات الغذائية المضادة للالتهابات:
وفقا للباحثين، لا يُمكن الشفاء من أمراض المناعة الذاتية لأنه لا توجد أدوية تعالجها، رغم مواصلتهم البحث عن علاجات جذري لهذه الاضطرابات، خصوصا الأمراض الأكثر شيوعا بقائمة أمراض المناعة الذاتية.
لكن بشكل عام، يُمكن السيطرة على اضطرابات المناعة الذاتية بالأدوية والعلاجات الأخرى لحين الوصول لأدوية فعالة يمكنها كبح المرض.