الولادة القيصرية تجربة صعبة تحمل معها تحديات نفسية وجسدية، وتحتاج الأم خلالها إلى رعاية خاصة حتى بعد مغادرة المستشفى، وبينما تميل كثير من الأمهات إلى الاعتماد على الراحة التامة كسبيل للتعافي، تكشف الدراسات أن الحركة التدريجية والمدروسة تُعدّ من أهم خطوات الشفاء بعد العملية.
فالرياضة بعد الولادة القيصرية لا تقتصر على استعادة اللياقة البدنية فقط، بل تلعب دورًا كبيرًا في تحسين المزاج وتنشيط وظائف الجسم الحيوية.
ويجب أن تفهم الأم أن ممارسة الرياضة لا تعني إجهاد الجسم بتمارين قاسية، بل تبدأ بخطوات بسيطة وحركات خفيفة تتطور تدريجيًا مع تحسن الحالة.
فيما يلي، نستعرض أهمية الرياضة بعد الولادة القيصرية، وفق ما جاء في تقرير نشره موقع Onlymyhealth.
ممارسة الحركات الخفيفة بعد الولادة القيصرية تسهم في زيادة تدفق الدم إلى منطقة الجرح؛ ما يعزز من سرعة الشفاء. هذا التدفق الدموي النشط يمنع تكوّن نسيج تليفي كثيف وصلب قد يحد من حركة الجسم مستقبلاً.
بعبارة أخرى، تحفز الحركة الجسم على الشفاء من الداخل. وعندما تبدأ الأم بالمشي الخفيف أو تمارين التنفس تدريجياً، يستجيب الجسم بشكل أفضل مقارنة بالبقاء ساكنة تماماً؛ ما يساعد على تقليل مضاعفات الجرح وتسريع التعافي.
أثناء الحمل والولادة القيصرية، تتعرض عضلات البطن، خاصة العضلات العميقة منها، للتمدد والضعف. لذا، من الضروري إعادة تقويتها بطريقة مدروسة ومدعومة من الطبيب.
يبدأ هذا التعزيز بتمارين بسيطة للبطن تساعد على استعادة التوازن الجسدي، كما تدعم ثبات العمود الفقري والحوض؛ مما يسهم في تحسين الحركة وتقليل المخاطر المستقبلية.
الحمل، وحمل الطفل بعد الولادة، والرضاعة، تؤدي كلها إلى تغيرات في وضعية الجسم، خاصة انحناء العمود الفقري وضعف عضلات الظهر. هذه التغيرات تسبب غالبا آلاما مزعجة في أسفل الظهر.
ممارسة التمارين الرياضية المناسبة بعد الولادة القيصرية تساعد على إعادة التوازن إلى العضلات المسؤولة عن الوقوف والمشي؛ ما يقلل من الألم المتكرر. مع تحسن القوام، تشعر الأم براحة أكبر وقدرة أكبر على الحركة، كما تقل احتمالية تعرضها لإصابات أثناء العناية بالمولود.
رغم أن الولادة القيصرية لا تمر عبر قناة الولادة المهبلية، إلا أن عضلات قاع الحوض تتأثر بشكل كبير خلال فترة الحمل.
تمارين "كيجل" أو تمارين قاع الحوض تساعد في تقوية هذه العضلات الحيوية، وتقي من مشاكل مثل تسرب البول (سلس البول) أو هبوط الأعضاء الداخلية، التي قد تواجه بعض النساء بعد الولادة.
يُعد تدريب عضلات قاع الحوض خطوة أساسية ضمن أي برنامج رياضي بعد الولادة؛ لأنه يعزز استقرار الجسم من الأسفل إلى الأعلى، ويحمي الأم من مضاعفات صحية قد تظهر لاحقا إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
بعد مرور ستة أسابيع على الولادة، وبموافقة الطبيب، يمكن للأم بدء ممارسة تمارين خفيفة تساعد على تنشيط القلب وتحسين اللياقة البدنية تدريجيا.
هذه التمارين تلعب دورا مهما في التحكم بالوزن ومنع زيادة الدهون غير المرغوب فيها. بالإضافة إلى ذلك، يسهم النشاط البدني المنتظم في تقوية صحة القلب والأوعية الدموية؛ مما يعزز الوقاية من الأمراض المزمنة ويضمن صحة أفضل للأم على المدى الطويل.
تلعب الرياضة دورا مهما في تعزيز الحالة النفسية للأم بعد الولادة، حيث تحفّز الجسم على إفراز الإندورفين، وهو هرمون يسهم في الشعور بالسعادة والراحة النفسية. هذا التأثير يجعل التمارين أداة فعالة للتخفيف من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة.
العديد من الأمهات يواجهن تقلبات مزاجية حادة خلال هذه المرحلة، والرياضة تمنحهن متنفسا يساعد في تهدئة هذه التقلبات، ويعزز شعورهن بالسيطرة على أجسادهن وتحقيق إنجازات صغيرة تعزز ثقتهن بأنفسهن.
الإمساك من المشاكل الشائعة التي تواجه الأم بعد الولادة القيصرية، وغالبا ما يزداد بسبب قلة الحركة. تساعد التمارين الرياضية على تحفيز حركة الأمعاء وتنشيط الجهاز الهضمي؛ ما يخفف من الانزعاج ويُعيد وظائف الجهاز الهضمي إلى طبيعتها.
حتى المشي الخفيف يوميا يمكن أن يحدث فرقا كبيرا ويساعد في تخفيف الإمساك بشكل ملحوظ.
في الختام، الرياضة بعد الولادة القيصرية ليست مجرد وسيلة لتحسين المظهر فقط، بل هي خطوة ضرورية لتعزيز الشفاء، واستعادة القوة، وتحقيق التوازن الجسدي والنفسي للأم.