هل تعرفين ذلك الشعور؟ عندما يدخل شخص ما حياتك، ويبدو وكأنه مزيج بين "إله" إغريقي وبين قائمتك المفضلة في ”سبوتيفاي“، ويغدق عليك المديح بسرعة لدرجة أنكِ تشعرين وكأنكِ فزتِ بجائزة اليانصيب العاطفي؟
إذا كان جوابك ”نعم“، فمرحبًا بكِ في اليوم الأول من مواعدة نرجسي.
إذا أردت معرفة السبب الذي يجعلك تجذبين النرجسيين باستمرار، عليكِ أولًا أن تفهمي لماذا تقعين في حبهم من الأساس.
ليس كل من لديه ثقة زائدة أو إدمان على صور السيلفي هو إنسان نرجسيّ. بالنسبة لعلم النفس، فإن هناك طيف متكامل من الصفات يتضمن تلك المتعلقة بالنرجسية.
أما "اضطراب الشخصية النرجسية" (NPD)، فهو مصطلح سريري يصف شخصًا يفتقر بشدة إلى التعاطف، ويحتاج بشكل دائم للثناء، ويملك صورة ذاتية مبالغ فيها ولكنها هشة في نفس الوقت.
لكن الأشخاص الواثقون الذين تقابلينهم في الغالب ليسو مصابين بـ "اضطراب الشخصية النرجسية"، بل شخص يتمتع بسمات نرجسية عالية، شخص متلاعب مثلاً، ساحر، يسعى دائماً للحصول على القبول وغير متاح عاطفيًا.
وبغض النظر عن النوع، فإن كل الأشخاص النرجسيين يتصرفون انطلاقًا من شعور عميق بعدم الأمان، يُخفونه بمظهر من القوة الزائفة. وغالبًا ما يبحثون عن شريكات يعكسن إليهم الإعجاب والانتباه بشكل مستمر.
لذا، إذا كنتِ تجذبين النرجسيين كثيرًا، فالمسألة ليست حظًا سيئًا، بل على الأرجح أنها نمط عاطفي أعمق يحتاج إلى فهم وتحليل.
فلنترك الشعور بالذنب جانباً، وننتقل إلى العلم. إذا كان النرجسيون دائمًا ما يجدون طريقهم إلى صندوق رسائلك أو قلبك أو حساباتك على وسائل التواصل، فهناك احتمال كبير أن الأمر لا يتعلق فقط بهم، بل بما يحدث داخلكِ أنتِ أيضاً. ليس هذا لإلقاء اللوم، بل إنها لحظة مواجهة مع النفس. إليك الأسباب:
إن الأناس المتعاطفين يختبرون المشاعر بعمق، ويهتمون بالآخرين بالفطرة. إنهم طُعم مثالي للنرجسيين. لماذا؟ لأن النرجسيين يتغذّون على الانتباه، والمتعاطفون يقدّمونه بسخاء. فأنتِ على الأرجح تصغين بقلبكِ، وتمنحين المساحة لمشاعر الآخرين، وتُظهرين تعاطفًا حتى عندما لا يُردّ إليكِ بالمثل.
قد تؤمنين بأنكِ إذا ما أحببتِ شخصًا بشكل كافٍ، فإنه سيتغيّر نحو الأفضل. إن هذا أمر جميل، لكنه خطير، فإن النرجسيون لا يتغيرون لأنكِ تحبينهم، بل يبقون لأنكِ تتحمّلينهم.
إذا كنت قد نشأتِ مع والدة أو والد كثير النقد، متقلّب أو غير قريب عاطفيًا، فقد تجدين طاقة "المدّ والجزر" التي يحملها النرجسي مألوفة، وقد تخطئين في اعتبارها حباً، لكنها هي في الحقيقة صدمة قديمة تعيد نفسها في علاقاتك الراشدة.
ينجذب النرجسيون إلى من يمكن جرّهُ إلى دوامة المشاكل، فهُم دائمًا في أزمة، ويعتبرون أنهم "غير مفهومين“. وإذا كنتِ قد تلقيتِ المديح في طفولتك على تقديمك للمساعدة أو على إصلاح المشاكل، فقد تخلطين بين هذا النمط وبين الحب. ثقي أن حاجتهم إليكِ لا تعني بالضرورة أنهم يقدّرونكِ.
لنكن صادقين، إذا كان قول "لا" يجعلكِ تشعرين بالذنب، أو إذا كان وضع الحدود للآخرين يبدو لكِ على أنه قسوة، فهذا يعني أنك لا تضعين الحواجز التي تحميكِ. يختبر النرجسيون الحدود مبكراً وباستمرار، وإذا لاحظوا أنكِ لا تحمين حدودك، فسيعتبرون ذلك باباً مفتوحاً.
إذا كنتِ تسعين دون وعي إلى الإعجاب والإطراء، أو إلى أن تظهري بمظهر الطيبة، فقد تخلطين بين القبول والحب.
يلتقط النرجسيون هذا بسرعة ويُغرقونكِ بالمديح في البداية، ثم يبدأون بحجبه كوسيلة للسيطرة.
قد تكون الأغاني والأفلام، أو حتى التجارب السابقة سبباً يجعلك تربطين ما بين العواطف المضطربة والحب الحقيقي.
وإذا كنتِ تعتقدين أن المعاناة تعني عمقاً لدى الأشخاص، فسوف يناسب هذا النرجسيون تمامًا، فهُم دراميون، متقلّبون، ومرهقون عاطفياً.
إذا كان جهازك العصبي معتادًا على الفوضى، فقد يبدو الحب الصحي هادئًا جدًا بالنسبة لك. وبالتالي قد تتجاهلين الأشخاص الطيبين والمستقرين لصالح أولئك العاطفيين الخطِرين.
إذا كنتِ قد اعتدّتِ على إثبات قيمتكِ من خلال الإنجازات أو التميّز، فقد تنجذبين للنرجسيين الذين يجعلونكِ تشعرين دائمًا أن ما تقومين به غير كافٍ. فإن عقليتكِ الطموحة تجعلكِ تحاولين جاهدًة "كسب" حبهم، حتى عندما لا يستحقونه.
في الختام، تأكدي أن الهدف هنا ليس النقد، إنما الوعي. فأنتِ لا تجذبين النرجسيين لأن بك صفات سيئة، بل على العكس، أنت تملكين صفات ثمينة وعليك حراستها، والجيد في الأمر هو أنه بإمكانكِ تغيير هذا النمط تمامًا.