في عصر يختلط فيه الواقع بالرقمي، لم تعد العلاقات العاطفية بمنأى عن عدسات الهواتف ومنصات التواصل. صور يومية، منشورات متكررة، قصص مصوّرة من تفاصيل العلاقة، وعبارات غزل علنية.
كلها مشاهد أصبحت جزءاً معتاداً من حياتنا الإلكترونية. لكن السؤال الذي يُطرح بجدّية: هل هذا النوع من العلاقات، المبالغ في عرضه على "السوشيال ميديا"، يُعبّر فعلاً عن حب ناضج وصحي؟
أم أنه ستار يستُر هشاشة العلاقة أو حاجة ملحّة للفت الانتباه؟
في بعض الحالات، تتحول العلاقة العاطفية إلى مشروع استعراض شبه يومي، حيث يقاس الحب بعدد "الإعجابات" والتعليقات، وتُقاس السعادة بمدى تفاعل الجمهور مع الصور والمقاطع.
لكن خلف هذه الصورة الوردية، هناك تساؤل حقيقي: هل نحن نعيش الحب من أجل أنفسنا، أم نعيشه من أجل تصفيق الآخرين؟
قد يبدأ الأمر بلقطة عفوية، لكنه يتحوّل سريعاً إلى التزام غير معلن: أين صور عيد الميلاد؟ لماذا لم تكتب لي منشوراً في "الفلانتاين"؟ لماذا لم تردّ على تعليقي أمام الجميع؟ هذه الأسئلة تزرع في العلاقة ضغوطاً غير ضرورية، وتجعل الرغبة في الظهور أهم من التواصل الحقيقي بين الطرفين.
العلاقات الصحية تُبنى على الحوار، الثقة، والمساحة الشخصية، لا على التقييم العلني المستمر. فالحب الذي يحتاج إلى إثبات دائم قد يخفي هشاشة داخلية، أما الحب العميق، فهو يعرف كيف يحمي نفسه، ويختار اللحظات التي تستحق أن تُشارك، من دون أن يُختزل في فلاتر وعدسات.
بعض الثنائيات تفضّل الحفاظ على خصوصية العلاقة، ليس لأنها تفتقر إلى الحب، بل لأنها ترى في الهدوء حماية. هذا لا يعني تجاهل الطرف الآخر أو إخفاء العلاقة، بل يعني أن هناك مسافة كافية بين ما هو خاص وما يُمكن مشاركته، وأن التقدير الحقيقي لا يُقاس بما يظهر في "الستوريات".
بالختام، فإن حب السوشيال ميديا ليس سيئاً بحد ذاته، فمشاركة اللحظات الجميلة حق طبيعي. لكن حين تتحوّل العلاقة إلى عرض دائم، وتُربط قيمتها بمدى التفاعل، فإن الحب يضيع في الزحام الرقمي. وحده الحب الهادئ، الذي لا يحتاج إلى تصفيق، يملك القدرة على الاستمرار بصدق ونضج.