قد يكون التجاهل المفاجئ أحد أقسى أشكال الرفض في العلاقات الإنسانية. أن تتوقف الرسائل فجأة، أن يختفي الطرف الآخر دون كلمة وداع أو تفسير، وكأن العلاقة لم تكن موجودة من الأساس؛ هذا ما يُعرف اليوم بمصطلح الغوستينغ (Ghosting).
ورغم أنه بات أكثر شيوعًا مع انتشار تطبيقات المواعدة ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن أثره النفسي لا يزال صادمًا، إذ يترك الطرف الذي تعرّض له غارقًا في الحيرة والألم وربما فقدان الثقة.
في مقال نُشر على موقع Psychology Today بقلم الباحثة Janneke M. Schokkenbroek، تَكشف الدراسات عن سبعة أسباب غير مُعلنة تجعل البعض يختارون الاختفاء بدلًا من المصارحة، بعضها أناني وبعضها يختبئ خلف تبريرات تبدو "منطقية":
يرى كثيرون أن التجاهل هو الحل الأبسط والأسرع لإنهاء العلاقة، كونه أقل مواجهة من الحوار المباشر أو الاعتذار الصريح.
تشير دراسة إلى أن بعض الأشخاص يفتقدون المهارات اللازمة لفتح حوار صريح، فيختارون الصمت والاختفاء كمهرب من المواجهة.
أحيانًا يكون الشخص قد حاول إنهاء العلاقة بطرق مباشرة، لكن الطرف الآخر لم يتقبل ذلك. هنا يصبح التجاهل وسيلة "اضطرارية" للهروب من الموقف.
في بعض الحالات، يرتبط التجاهل بتصرفات مسيئة أو ضاغطة أو حتى خطيرة من الطرف الآخر، كالتنمر أو التهديد. عندها يراه الشخص وسيلة لحماية نفسه.
يعتبر بعض الأشخاص أن التجاهل مبرَّر في العلاقات القصيرة أو السطحية، إذ يرون بأنه لا حاجة لتفسير عند الانسحاب.
قد يبدو الأمر متناقضًا، لكن بعض من يختفون يعتقدون أن الصمت أقل قسوة من قول "لا أريد الاستمرار معك"، معتقدين أنهم بذلك يخففون وقع الرفض.
مع انتشار تطبيقات المواعدة، أصبح التجاهل شبه "عادة اجتماعية"، مدعومًا بخصائص تقنية مثل خيار حذف التطابق أو إلغاء المتابعة بسهولة.
سواء كان الدافع حماية الذات، ضعف مهارات التواصل، أو مجرد رغبة في الراحة، يظل التجاهل سلوكًا قاسيا يترك جروحًا غير مرئية في العلاقات الإنسانية. باستثناء الحالات التي ينطوي فيها الاستمرار على تهديد حقيقي للسلامة، يوصي الخبراء بمحاولة اعتماد الصراحة والوضوح بدلاً من الاختفاء، فالمصارحة، حتى لو كانت مؤلمة؛ تحفظ كرامة الطرفين وتمنع التبعات النفسية السلبية.